للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عيناه وتمتلئ دمًا، ومن الناس من [يقف] شعره، ومن الناس من يكفهر وجهه حتى يكاد يتفجر من الغضب؛ لأن هذه الجمرة جعلت الدم يغلي كما يغلي الطعام في القدر، هذا هو الغضب، والغضب صفة كسبية وصفة غريزية، غريزية يعني: أن بعض الناس يخلق سريع الغضب وبعض الناس يتكلف سريعة الغضب يحب أن يغضب؛ ولذلك تجده إذا فعل ما يغضبه أحيانًا يغضب وأحيانًا لا يغضب فهو أحيانًا يغضب ليري الولد الذي أساء معاملته أنه قادر على الانتقام منه فيغضب، وأحيانًا لا يغضب ومع ذلك فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال له رجل: "أوصني"، قال: "لا تغضب"، والنبي صلى الله عليه وسلم يوصي كل إنسان بما يليق بحاله فكأن هذا الرجل معلوم أنه سريع الغضب فلهذا أوصاه النبي صلى الله عليه وسلم بترك الغضب، هل المعنى لا يعتريك الغضب أو لا تنفذ الغضب؟ الثاني؛ لأن الأول قد لا يكون للإنسان فيه حيلة فلا يستطيع، لكن الثاني هو المراد يعني وطن نفسك على ألا تغضب وإذا غضبت فلا تنفذ، بعض الناس يغضب يكسر الأواني ويطلق الزوجات، وربما يحلف أيمان على ألا يفعل شيئًا وهو محتاج إليه ثم إذا أفاق ندم ندامة عظيمة وجاء يسأل: أنا فعلت أنا فعلت ثم يكون نادمًا على ما فعل ولكن ما هو الطريق إلى أن نكف هذا الغضب؟ أولًا: أن يستعيذ بالله من الشيطان، بعض الناس يقول: صل على النبي، أو قل: لا إله إلا الله، كل هذا طيب لكن الكلمة التي قالها النبي صلى الله عليه وسلم حين ذكر له غضب رجل قال: إني أعلم كلمة لو قالها لذهب عنه ما يجد لو قال أعوذ بالله من شر الشيطان أحسن، ومنها: أن يتوضأ فالأول دواء معنوي والثاني دواء حسي معنوي لأنك إذا توضأت بردت أعضاؤك وبردت نفسك، ومنها كان قائما فليجلس، وإذا كان جلس فليضطجع؛ لأن تغير الحال توجب زوال الحال الأولى، ومنها مجرب لكنه لم تأت به السنة فيما أعلم أن ينصرف عن المكان؛ لأنه إذا انصرف أفاق ولم ينفذ ما يقتضيه غضبه؛ ولهذا نجد الناس رأوا شخصين يتخاصمان وكل واحد منهما غاضب على الآخر تراهم يمسكون بأحدهما ثم يسحبونه يذهبون به إلى مكان آخر، فعلى كل حال أهم شيء أن الإنسان لا يغض ولكن النبي صلى الله عليه وسلم يغضب انتقامًا لنفسه وإنما يغضب إذا انتهكت حرمات الله؛ ولهذا قام هنا غضبان ثم قال: "أيلعب بكتاب الله وأنا بين

<<  <  ج: ص:  >  >>