للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيء فربما ينساه وربما يحول بينه وبينه مانع يمنعه فالمبادرة هي الحكمة وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يبادر بالشيء الذي يحتاج إلى التخلي منه فإنه لما بال الأعرابي في المسجد ماذا قال؟ "أريقوا على بوله سجلًا من ماء"، فورًا ولما جيء إليه بصبي فبال في حجره دعا بماء فأتبعه إياه ولم ينتظر يقول: ل اغسله إلا إذا أردت الصلاة ولما دعاه عتبان بن مالك إلى بيته ليصلي في مكان يتخذه عتبان مصلى فدخل وقد صنع له عتبان طعامًا، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: أين تريد أن أصلي قبل أن يأكل، لماذا؟ لأنه جاء لغرض فينبغي أن يبادر به، وهذا لا شك أنه من الحزم، وذكر عن الإمام أحمد رحمه الله أنه قال في الإنسان إذا وجد سعة فليحج ولا يؤخر فإن للتأخير آفات، وهذا هو الواقع، كل شيء يطلب منك فبادر به؛ لأن التأخير له آفات إما نسيان أو عجز أو مانع آخر.

ومن فوائد الحديث: الإنكار الشديد على من طلق ثلاث تطليقات متتابعة لقوله صلى الله عليه وسلم: "أيلعب بكتاب الله ... الخ" وكما سمعتم أن التطليقتين أيضًا حرام، لأنه من اللعب بكتاب الله لأن الله يقول: {فطلقوهن لعدتهن} والطلقة الثانية الرادفة للأولى لا تعتبر طلقة للعدة.

ومن فوائد الحديث: شدة غيرة الصحابة- رضي الله عنهم- فإنهم لما رأوا النبي صلى الله عليه وسلم غضبان وقال: إن هذا لعب بكتاب الله استأذنوا في قتله؛ لأنهم لا يريدون أحدًا يلعب بكتاب الله أو يغضب رسول الله، ومن ذلك ما جرى لعمر بن الخطاب في قصة حاطب بن أبي بلتعة الذي كتب لقريش بأن النبي صلى الله عليه وسلم سيغزوهم وأطلع الله نبيه على ذلك حتى أدرك الكتاب وجيء به إلى المدينة، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم حاطبًا قال ما هذا؟ فأخبره بعذره فقام عمر فقال يا رسول الله! ألا أقتله فإنه قد نافق، قال: لا وما يدريك لعل الله اطلع إلى أهل بدر فقال: "اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم"، وحاطب كان من أهل بدر.

ومن فوائد الحديث: نسبة القرآن إلى الله في قوله: "بكتاب الله" والقرآن لا شك أنه كلام الله عز وجل تكلم به حقيقة فسمعه جبريل، ثم ألقاه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فنزل به على قلبه.

١٠٣٢ - وعن ابن عباس رضي الله عنهم قال: "طلق أبو ركانة أم ركانة. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم راجع امرأتك، فقال: إنا طلقَّتها ثلاثُا. قال: قد علمت، راجعها". رواه أبو داود.

<<  <  ج: ص:  >  >>