للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا تتعدى إلى غيره وهذا الرجل إذا أوقعنا عليه الطلاق تعدى الضرر لغيره لزوجته وربما يكون له أولاد منها وأيضًا مناط التصرف هو التكليف والعقل وهذا غير عاقل ثم إن الخمر له عقوبة خاصة، وهي الجلد أربعين مرة خمسين مرة ستين مرة سبعين مرة ثمانين مرة تسعين مرة مائة مرة لأن عقوبة الخمر ليست حدًا لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يسنه أتي إليه بشارب فقال: اضربوه، فقام الصحابة الذي يضرب باليد والذي يضرب بالنعل والذي يضرب بطرف الثوب والذي يضرب بالجريدة مع كل يضرب بما حوله نحو أربعين جلدة بدون تحديد لا عدد ولا حدد النبي صلى الله عليه وسلم ولا عين ما يضرب به كل يضرب بما تهيأ له وفي عهد أبي بكر كذلك نحو أربعين في عهد عمر كثر الشراب؛ لأنكم كما تعرفون انتشرت الرقعة الإسلامية ودخل في الإسلام من إيمانه ضعيف وكثر الشرب وكان من سياسة أمير المؤمنين عمر الحزم وحمل الناس على الطاعة والدين فاستشار الناس ماذا نعمل؟ فقال عبد الرحمن بن عوف: أخف الحدود ثمانون وهو حد القذف إذن ليس هناك حد دون الثمانين قاله عبد الرحمن بن عوف بحضرة عمر والصحابة لم يقل: واحد منهم بل أخف الحدود أربعون أبدًا، فجعله عمر كأخف الحدود ثمانين.

وهل تظنون أن عمر سيخالف حدًا حده الرسول؟ أبدًا، لو كثر الزنا في الناس هل يمكن لعمر أو غير عمر أن يرفع حد الزاني إلى مائتين؟ لا يمكن، فلما قال عبد الرحمن: "أخف الحدود ثمانون"، وأقره عمر والصحابة وعلمنا أيضًا من حال عمر الذي هو قاض على حدود الله أنه لا يمكن أن يزيد على حد حده الرسول صلى الله عليه وسلم عرفنا أن العقوبة ليست حدًا إنما هي اجتهاد لو دعت الضرورة أو الحاجة إلى أن تزاد من ثمانين إلى مائة زدناها. على كل حال: أنا قصدي أنه لا ينبغي أن يعاقب السكران بأمر يتعدى ضرره إلى غيره وللسكران عقوبة معينة في النوع وهي الجلد، فالصحيح: أن طلاق السكران لا يقع، وأن أفعاله لا يترتب عليها حكم العمد، فلو قتل السكران شخصًا بالسكين حتى هلك فإنه لا يجب عليه القود؛ لأنه سكران لا يعقل، وبعض العلماء يفرق بين أقواله وأفعاله، فيقول: فإنه يؤاخذ على أفعاله دون أقواله؛ لأن الأقوال مبناها على العقل والأفعال مبناها على الفعل، ولكن الصحيح: أنه لا فرق؛ لأن الأفعال مبنية على الإرادة، والإرادة من السكران مفقودة، نعم يقول ابن القيم وأنا به أقول لو شرب ليفعل فهذا يؤاخذ؛ لأنه جعل الفعل وسيلة، لو أراد أن يقتل شخصًا أو يتلف ماله وقال في نفسه: إن أتلفته أو قتلته وأنا صائل اقتصوا مني، لكن أسكر من أجل أن أتلفه وأنا سكران فيسقطون عني القصاص؛ فهذا لا

<<  <  ج: ص:  >  >>