شك أننا نؤاخذه؛ لأنه جعل السكر ذريعة ووسيلة إلى فعل محرم ولو فتح الباب وقلنا حتى ولو سكر لفعل محرم لا يؤاخذ به لكان فساد في الأرض كبير. إذن الموسوس لا يقع طلاقه والسكران لا يقع طلاقه، الغضبان غضبًا شديدًا بحيث يغلق عليه حتى يتكلم بالطلاق لا يقع طلاقه، هل يمكن أن نأخذ من هذا أنه يشترط للطلاق نية بمعنى: لو أن الإنسان أرسل لفظ الطلاق بدون نية فلا طلاق عليه، فيه خلاف بين العلماء ولكن الصحيح أنه يدين يعني: يرجع إلى نيته فيما بينه وبين الله وأما إذا وصل الأمر إلى الحاكم فالواجب على الحاكم أن يعامله بظاهر لفظه وفي هذا الحال هل يجب على الزوجة أن تحاكمه من أجل ثبوت الطلاق؟ في هذا تفصيل إن كانت تعلم أن هذا الرجل عنده من تقوى الله ما يمنعه أن يدعي أنه غير مريد وهو قد أراد فلا يحل لها أن تحاكمه وإن كان الأمر بالعكس وجب عليها أن تحاكمه وإن شكت فالأولى ألا تحاكمه؛ لأن الأصل بقاء النكاح أنا ذكرت لكم قبل قليل أن مذهب الإمام أحمد أن طلاق السكران يقع وهذا مذهبه الاصطلاحي، أما مذهبه الشخصي فإنه لا يقع طلاق السكران؛ لأنه رحمه الله صرح بذلم فقال كنت أقول بوقوع طلاق السكران حتى تبينته، يعني: فرأيت ألا يقع؛ لأنني إذا قلت: إنه يقع أثبت خصلتين: منعتها من زوجها، وأحللتها لغيره، وإذا لم أقل به أتيت خصلة واحدة وهي أني أحللتها لزوجها الذي كان قد طلقها ومعلوم أن ارتكاب مفسدة واحدة أخف من ارتكاب مفسدتين، هذا إذا قلنا: إنها مفسدة، أما إذا قلنا: إنه لا عبرة بقوله إطلاقًا فالأمر واضح والإمام أحمد رحمه الله أحيانًا يصرح بالرجوع ومع ذلك يكون مذهبه عند المتأخرين يكون مذهبه خلافه كهذه المسألة ومن المسائل التي صرح بالرجوع عنها والمذهب خلافها إذا مسح الإنسان على خفه في الحضر ثم سافر قبل أن انتهاء مدة الحضر وهي يوم وليلة فهل يتم على مسح الحضر أو على مسح السفر؟ المذهب على مسح الحضر؛ لأنه اجتمع مبيح وحاظر فغلب جانب الحظر، اجتمع مبيح للزيادة على يوم وليلة وهو السفر وحاظر، أي: مانع للزيادة، وهو الإقامة فغلب جانب الحظر وهو الإقامة، ولكن الإمام أحمد صرح بأنه رجع عن ذلك وقال: إنه يتم مسح مسافر، وهو الصحيح هذا ما لم تتم مدة الإقامة، فإذا تمت مدة مسح الإقامة فقد تمت ووجب عليه الاستئناف.