قال سعد بن عبادة لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، أتركه على أهلي أو أترك لكع ابن لكع على أهلي حتى أتي بأربعة شهداء، والله لأضربنه بالسيف غير مصفح، يعني: أضربه وليس بصفحته، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"ألا تعجبون من غيرة سعد، والله لإني أغير من سعد والله أغير مني"، ولهذا أنزل الله تعالى هذا الفرج للأزواج بأنه إذا رمى زوجته بالزنا فإنه يلاعن وإن لم يقم بينة قال تعالى: {والَّذين يرمون أزواجهم ولم يكن لَّهم شهداء إلَّا أنفسهم فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله إنَّه لمن الصَّادقين (١) والخمسة أنَّ لعنت الله عليه إن كان من الكاذبين} [النور: ٦، ٧]. إذن سبب اللعان أن يرمي الزوج زوجته بالزنا، وسمي لعانًا، لأن الزوج يقول: وأنَّ لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين، ففيه تغليب.
١٠٥٥ - عن ابن عمر رضي الله عنهما قال:"سأل فلاٌ فقال: يا رسول الله، أرأيت أن لو وجد أحدنا امرأته على فاحشةٍ، كيف يصنع؟ إن تكلَّم تكلّم بأمر عظيم، وإن سكت سكت على مثل ذلك، فم يجبه، فلمَّا كان بعد ذلك أتاه، فقال: إنَّ الَّذي سألتك عنه قد ابتليت به، فأنزل الله الآيات في سورة النُّور، فتلاهنَّ عليه ووعظه وذكَّره، وأخبره أنَّ عذاب الدُّنيا أهون من عذاب الآخرة. قال: لا، والَّذي بعثك بالحقِّ ما كذبت عليها، ثمَّ دعاها النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم فوعظها كذلك، قالت: لا، والَّذي بعثك بالحقِّ إنَّه لكاذبٌ، فبدأ بالرَّجل، فشهد أربع شهاداتٍ بالله، ثمَّ ثنَّى بالمرأة، ثمَّ فرَّق بينهما". رواه مسلم.
قوله:"سألة فلان" لم يذكر اسمه سنرًا عليه، وإلا فالظاهر أن ابن عمر كان يعرفه؛ لأن القصة مشهورة ولكنه أبهمه سترًا عليه؛ لأن تعيينه لا يتوقف عليه فهم المعنى، المقصود القصة والقضية، ذكرنا باب اللعان وأن اللعان مصدر لاعن يلاعن، وأن اللعن يصدر من الزوج ولكنه ذكر من باب التغليب، فإذا رمى الرجل زوجته بالزنا، وقال: إنها زنت فإما أن يأتي ببينة فتحد ولا يحد، وإما أن تقر فتحد ولا يحد وإما أن تنكر، وحينئذ نقول: إما أن تلاعن أو أقمنا عليك الحد، إذا لاعن ولاعنت ثبت بذلك أحكام تأتي إن شاء الله، وإن لاعن ولم تلاعن فقيل: إنها تحبس حتى تموت أو تلاعن، وقيل: بل يقام عليها الحد، وهذا هو الصحيح، لأن ملاعنته بمنزلة البينة لقول الله تعالى:{ويدرؤا عنها العذاب أن تشهد}، و"أل" في قوله: {العذاب} لعهد الذهني الذي هو حد الزنا كما قال تعالى: {الزَّانية والزَّاني فاجلدوا كلَّ واحدٍ منهما مائة جلدةٍ ولا تأخذكم بهما رأفةٌ في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الأخر وليشهد عذابهما طائفةٌ من المؤمنين} فقوله: {ويدرؤا عنها العذاب} أي: العذاب المعهود وهو حد الزاني، وهذا القول هو الصحيح، قوله:"أرأيت" بمعنى: