أخبرني، و"أن" مصدرية، ويحتمل أن تكون مخففة، وقوله:"كيف يصنع"، الجملة هذه متصلة بقوله:"أرأيت" وهي بمحل الاستفهام يعني: "أخبرني كيف يصنع من وجد امرأته على فاحشة إن تكلم تكلم بأمر عظيم"، ووجه عظمه أنه يدنس فراشه وأهله، "وإن سكت سكت على أمر عظيم" وهو إقرار زوجته على الفاحشة، فيكون بذلك ديُّونًا، والديوث هو الذي يقر أهله على الفاحشة، فلم يجبه النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن الرجل يقول أرأيت؟ والمسألة ساقها مساق الأمر المفروض لا الأمر الواقع فلم يجبه؛ لأن السؤال عن أمر لم يقع يكون للإنسان سعة في ألَّا يجيب عليه، ولهذا كان بعض السلف إذا سأله سائل عن مسألة قال هل وقعت؟ قال: لا، قال: إذن لا أجيبك نحن في عافية حتى إذا وقعت وبلينا بها أجبنا: قال: "فلما كان بعد ذلك أتاه فقال: إن الذي سألتك عنه قد ابتليت به" يحتمل أن يكون هذا خبرًا عن شيء مضى، كأنه يقول: إني سألتك عن شيء قد ابتليت به وليس فرضًا بل واقع ويحتمل أن يكون هذا أمرًا جديدًا حادثًا بعد السؤال، وأنه سأل أولًا ثم ابتلي بذلك ثانيًا، وعلى هذا قول الشاعر:[الكامل]
احذر لسانك أن تقول فتبتلى ... إن البلاء موكل بالمنطق
وقد روي في ذلك حديث:"إن البلاء موكل بالمنطق"، لكنه ضعيف، إذن قوله:"إن الذي سألتك عنه قد ابتليت" يحتمل خبر عن السؤال الأول، يعني: أنني قد سألتك عن شيء ليس مفروضًا ولكنه واقع، وكأنه في الأول يعرف ثم صرح الآن، ويحتمل أن تكون هذه البلوى بعد سؤاله مقدمة لأمر توقعه فوقع. يقول:"فأنزل الله الآيات في سورة النور" هي قوله: {والَّذين يرمون أزواجهم ولم يكن لَّهم شهداء إلَّا أنفسهم فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله إنَّه لمن الصَّادقين}[النور: ٦]. فهي آية التلاعن، فقال:"قتلاهن عليه"، الفاعل في "تلاهن" رسول الله صلى الله عليه وسلم، و"وعظه" أي: ذكَّره بما فيه التخويف؛ لأن التذكير المقرون بالتخويف أو الترغيب يسمى وعظًا وموعظة، "وذكره وأخبره أن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة"، عذاب الدنيا وذلك بالعقوبة سواء كان حد الزنا على المرأة أو حد القذف على الرجل أهون من جهة الكيفية والشدة وأهون من جهة الزمن، لأن عذاب الدنيا ينقطع إما أن يكون مهلكًا فينقطع بالموت الذي لا بد منه، وإما أن يكون موجعًا فينقطع بانتهائه ثم بعد ذلك ينسى، لكن عذاب الآخرة أعظم وأشد، قال:"لا والذي بعثك بالحق ما كذبت عليها"، "لا" هذه زائدة للتوكيد وذلك لأن المقسم عليه منفي