للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

احذر لسانك أن تقول فتبتلى ... إن البلاء موكل بالمنطق

وإن كان الأمر بعد أن وقع ولكنه عرض ولم يصرح ففيه أدب، بأن يعرض الإنسان في مثل هذه الأمور العظيمة دون أن يصرح.

ومن فوائد الحديث: بيان غيرة الصحابة- رضي الله عنهم- على محارمهم، والغيرة من شيم الرجال ومن خصال الإيمان، ولا خير فيمن لا غيرة فيه، وإذا قارنت بين غيرة الصحابة وما عليه المتفرنجون والإفرنج وأشباههم وجدت الفرق العظيم تجد أحد هؤلاء المتفرنجة والإفرنج لا يبالي بزوجته بل يتركها تكلم الرجال وتكو معهم وتكشف وتفعل ما شاءت لا يهمه، ولا يقشعر جلده لذلك، ولا يقف شعره، ولكن الإيمان والفطرة السليمة تقتضي خلاف ذلك.

ومن فوائد الحديث: جواز امتناع المستفتي عن الفتيا إذا رأى المصلحة في ذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يجبه، وفي حديث آخر في قصة عويمر العجلاني أن الرسول كره هذه المسائل وعابها وأحب أن يبتعد الناس عنها وعن فرضها.

ومن فوائد هذا الحديث: أن الإنسان قد يبتلى بما يتحدث به لقوله: "إن الذي سألتك عنه قد ابتليت به" هذا على أحد الوجهين.

ومن فوائد الحديث: أن القرآن كلام الله؛ لقوله: "فأنزل الله الآيات" وجهه: أن هذا الإنزال لوصف لا يقوم بنفسه، فإذا كان وصفًا لا يقوم بنفسه لزم أن يكون من القائم، أي: من منزِّله وهو الله، وإنما قلنا: وصف لا يقوم بنفسه؛ لئلا يرد علينا قوله الله تعالى: {أنزل من السَّماء ماءً} {وأنزل لكم مِّن الأنعام ثمانية أزواجٍ} {وأنزلنا الحديد فيه بأسٌ شديدٌ} فهذا لا يكون منزل كلام الله؛ لأنه عين قائم بنفسه، بخلاف الكلام فإنه وصف لا بد له من متكلم.

ومن فوائد الآية الكريمة: إثبات العلو لله؛ لقوله: "فأنزل" والإنزال لا يكون إلا من أعلى، والأدلة على علو الله ذاتًا وصفة كثيرة الأنواع، وأجناسها خمسة هي: الكتاب والسنة والإجماع والعقل والفطرة، كل هذه الخمسة متضافرة ومتظاهرة على أن الله تعالى علي بذاته كما أنه عليُّ بصفاته ولا أظن أن هذا يحتاج إلى كبير عناء للاستدلال له لأنه واضح، كل واحد من الناس إذا دعا ربه أين يذهب قلبه؟ إلى فوق بدون دراسة وبدون أي شيء، إذن الله- سبحانه- عليُّ فوق.

وقد وردت في هذا قصة مع رجلين عالمين وهما أبو المعالي الجويني والهمداني، وكان ينكر الجويني العلوَّ فقال له الهمداني: يا أستاذ، دعنا من ذكر العرش، ولكن أخبرنا عن هذه

<<  <  ج: ص:  >  >>