للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسألة، فلذلك كانت البداءة بالزوج، فلو بدأت الزوجة قبله ألغي لعانها وألزمت بإعادته بعد لعان الزوج.

ومن فوائد الحديث: أنه لا بد من شهادات أربع لقوله: "فشهد أربع شهادات"؛ اتباعًا لقوله تعالى: {فشهادة أحدهم أربع شهادات}. فإذا قال قائل: وماذا بعد الأربع؟ هل يشهد خامسة ويقول: وأن لعنة الله عليه أو يكتفى بقوله: وأن لعنة الله عليه؟ نظر فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين، "والخامسة" يعني: الشهادة الخامسة، فما الذي جعله الله خامسة؟ أن يشهد أنها زنت أو أن يقول وأن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين، بعض العلماء يقول: لا بد أن يشهد خامسة فيقول: أشهد بالله إنها زانية، ثم يقول: وأن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين، وبعضهم قال: الشهادة أربعة كعدد الشهود في إثبات الزنا، وأما هذه فهي دعاء على نفسه بأن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين، ثم هل يقول لعنة الله عليه أو يأتي بضمير النفس بدلًا عن ضمير الغيبة؟ يأتي بضمير النفس بدلًا عن ضمير الغيبة، لكن إذا كنا نتحدث عن ماذا نفعل فإننا نقول ذلك بضمير الغيبة.

ومن فوائد الحديث: دليل على أنه لا بد أن يتقدم الزوج باللعان، فإن سبقته هي لم يصح لعانها لقوله: "ثم ثنى بالمرأة" وهذا هو ما دلت عليه الآية؛ لأن الله تعالى قال: {ويدرؤا عنها العذاب} أي: حد الزنا وهذا لا يثبت إلا بعد لعان الزوج.

ومن فوائد هذا الحديث: بيان أنه قد يقع بين الزوجين من الخصومة ما يصل إلى هذا الحد يدعي عليها الزنا وهو أقرب للصدق منها وتكذبه عيانًا، فتقول: إنه لكاذب.

ومن فوائد الحديث: ثبوت التفرقة بين الزوجين في اللعان، فإما أن يكون ذلك بمجرد تمام اللعان وإما أن يكون ذلك بتفريق الحاكم على قولين للعلماء، ولكن لو أردنا أن نسلك طريق الاحتياط قلنا: الأولى أن يفرق بينهما احتياطًا، وهو إذا فرق بينهما لم ينتقض التفريق باللعان.

١٠٥٦ - وعنه رضي الله عنهما: "أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للمتلاعنين: حسابكما على الله تعالى، أحدكما كاذبٌ، لا سبيل لك عليها قال: يا رسول الله، مالي؟ قال: إن كنت صدقت عليها، فهو بما استحلك من فرجها، وإن كنت كذبت عليها، فذاك أبعد لك منها". متَّفقٌ عليه.

"حسابكما" أي: حساب من أثمن منكما، فإن كان الزوج كاذبًا حوسب على ذلك، وإن كانت هي الكاذبة حوسبت على ذلك، فحسابهما على الله حتى الصادق يحاسب، ولكن يقرَّر

<<  <  ج: ص:  >  >>