يستقبل الشمس أو القمر، وعللوا لذلك بتعليل عليل منتقض: لأن في الشمس والقمر نورا فما فيهما من نور الله يجعلهما محترمين؛ فنقول:
أولا: لا يجوز أن نثبت الأحكام الشرعية بمثل هذا التعليل.
وثانيا: هو تعليل منتقض، النجوم فيها أيضا نور من الذي أشاءها؟ الله - سبحانه وتعالى- هل نقول للإنسان: لا تستقبل النجوم، وإن قلنا: لا تستقبل النجوم فكيف يجلس؟ لأن النجوم على يمينه، وعلى يساره، وأمامه وخلفه؛ فلهذا ذكرت ذلك ليعلم أن ما قاله بعض الفقهاء - رحمهم الله- في هذا قول ضعيف لا دليل عليه.
ومن فوائد هذا الحديث: النهي عن الاستنجاء باليمين، وإذا كنا نقول في استقبال القبلة أنه حرام، فيجب أن نقول في هذا إنه حرام؛ لأن الحديث واحد، والغالب أن المسائل المذكورة في حديث واحد أن حكمها واحد، أقول: الغالب، لكن ليس هذا دلالة؛ فإن الله تعالى قال:{والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة}[النحل: ٨]. فذكر الخيل والبغال والحمير مع أن الخيل جلال، والبغال والحمير حرام، ولا عبرة بدلالة الاقتران؛ لأنه ثبت عن النبي - عليه الصلاة والسلام- أن الصحابة نحروا فرسا في عهده - علي الصلاة والسلام- وأقرهم على هذا.
المهم إذا لم نجد صارفا يصرف النهي إلى الكراهة في الاستنجاء باليمين، فالواجب أن يكون للتحريم. فإذا قال قائل: إذا كان الإنسان أشل في يده اليسرى؟ نقول: حينئذ يكون مضطرا إلى الاستنجاء باليمين، وقد قال الله تعالى:{وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه}[الأنعام: ١١٩].
ومن فوائد هذا الحديث: تكريم اليمين، وهو كذلك؛ ولهذا قال الفقهاء - رحمهم الله- في ذلك ضابطا مهما، قالوا: إن اليسرى تقدم للأذى، واليمنى لها سواها، اليسرى تقدم للأذى كالاستنجاء، والاستنثار، وغسل الأوساخ، وما أشبه ذلك، واليمنى لها سواها.
ومن فوائد هذا الحديث: جواز الاستنجاء بالحجار؛ لقوله:"أن نستنجي بأقل من ثلاثة أحجار" فإنه يفيد أن الثلاثة فما فوق يجوز الاستنجاء به.
ومن فوائد هذا الحديث: أنه لا يجوز الاقتصار على أقل من ثلاثة حتى لو طهر المحل لابد من ثلاثة، قال النبي صلى الله عليه وسلم:"من استجمر فليوتر".
ومن فوائد هذا الحديث: أنه لو استنجى بحجر ذي شعب، فإن ذلك جائز؛ لأن كل شعبة بمنزلة حجر، ومن العلماء من قال: لا يجوز بحجر ذي شعب؛ لأن الحديث أقل من ثلاثة أحجار،