الناس بالأنساب وصار الوالد يقر بالولد وينكره غدًا، فمن أقر بأن هذا ولده ولو طرفة عين فليس له أن ينفيه، لو جاءه وقال له: إن امرأتك زنت وهذا الولد من الزاني فهل له أن ينفيه؛ بعد اعترافه به؟ لا، ليس له، حتى لو فرض أن الشبه للزاني أكثر منه للزوج فإنه لا يمكن أن ينفيه؛ بعد اعترافه به؟ لا، ليس له، حتى لو فرض أن الشبه للزاني أكثر منه للزوج فإنه لا يمكن أن ينفيه؛ لأنه ثبت النسب واستقر، والنسب لا يمكن رفعه بعد استقراره.
١٠٦٣ - وعن أبي هريرة رضي الله عنه "أنَّ رجلًا قال: يا رسول الله، إنَّ مرأتي ولدت غلامًا أسود؟ قال: هل لك من إبلٍ؟ قال: نعم. قال: فما ألوانها؟ قال: حمرٌ. قال: هل فيها من أورق؟ قال: نعم. قال: فأنَّي ذلك؟ قال: لعلَّه نزعه عرقٌ. قال: فلعلَّ ابنك هذا نزعه عرقٌ". متَّفقٌ عليه.
- وفي روايةٍ لمسلمٍ:"وهو يعرِّض بأن ينفيه" وقال في آخره: "ولم يرخِّص له في الانتفاء منه".
وهذا الرجل أعرابي من البادية صاحب إبل جاء يسأل النبي صلى الله عليه وسلم هذا السؤال الغريب قال:"إن امرأتي ولدت غلامًا أسود" يعني: وأنا أبيض وأمه بيضاء، فمن أين جاءه السواد، هذا محل إشكال، يعني: تشكل على كثير من الناس أن يأتيه أولاد سود وهو وأمه أبيضان، هذا مشكل كما أنه كان شبهه في التخطيط يخالف شبه أبويه لصار ذلك أيضًا محل إشكال، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:"هل لك من إبل؟ " الجملة هذه كلها ليس فيها إلا جار ومجرور، والمعروف أن الجمل لا بد لها من عمدة مبتدأ وخبر فعل وفاعل فعل ونائب فاعل وهنا لا يوجد إلا جار ومجرور في كلمتين هل لك "لك" جار ومجرور "من إبل" جار ومجرور، فكيف نخرج هذا على القاعدة؟ لأن من زائدة والتقدير هل لك إبل و"من" تأتي زائدة بعد النفي والاستفهام كثيرًا، هنا قال:"هل لك من إبل" يعني: هل لك إبل لكن كيف أعرب إبلًا؟ نقول: إنها مبتدأ مرفوع بضمة مقدرة على آخره منع ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد، قال: نعم قال: "فما ألوانها" قال: "حمر قال ... إلخ" الحمر بسكون الميم، والحمر: جمع حمار؛ ولذلك بعض الناس يغلط إذ يقول: خير لك من حمر النعم- بضم الميم- فهل النعم لها حمر؟ فالصواب: حمر النعم بالسكون جمع أحمر وحمراء.
قال:"هل فيها من أورق؟ " نقول في هذه الجملة كما قلنا في جملة: "هل لك من إبل؟ " قال: "هل فيها من أورق؟ " و"الأورق" الذي لونه لون الورق؛ أي: الفضة وهو بين البياض والسواد يعني: أشهب قال: نعم، قال:"فأنى ذلك؟ " يعني: من أين جاء هذا الأورق وألوانها