تحيض حيضة؛ وذلك لأننا لا نعلم براءة رحمها إلا بالحيض فإذا حاضت علمنا أن رحمها خالٍ من الولد فحل وطؤها؛ لأن الحامل لا تحيض، وقد ثبت طبيًا بأنه لا يمكن للحامل أن تحيض.
وقال بعض أهل العلم بالفقه: إن الحامل قد تحيض لكن بشرط أن يكون حيضها مطردًا كما هو قبل الحمل، أما لو انقطع ثم عاد فليس بحيض، لكن الأطباء الذين كلهم مصرُّون على القول بأنه لا يمكن الحيض مع الحمل أبدًا، وقال الإمام أحمد: إنما تعرف النساء الحمل بانقطاع الحيض؛ لأنه لا حيض مع حمل وحيض الحامل نادر جدًا، ولهذا ألغى النبي صلى الله عليه وسلم ذلك.
ففي هذا الحديث فوائد منها: الإشارة إلى عظم السب وأنه ليس بالأمر الهين، ويتفرع على هذه الفائدة بيان جهالة القوم الذين ينتسبون إلى غير آبائهم من اجل الحصول على البطاقة، كما وجد هذا في كثير من الذين ذهبوا إلى الكويت منذ زمن فصاروا ينتسبون إلى غير آبائهم: إلى أعمامهم أو إخوانهم! وهذا من كبائر الذنوب، ومن كان كذلك فالواجب عليه الآن أن يحول نسبة إلى النسب الصحيح، يقول أحدهم: إذا فعلت ذلك حصل عليَّ ضرر كأن أسجن أو يؤخذ مالي فنقول: عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة، وأنت إذا انتسبت إلى من لست منه حصل بهذا ضرر عظيم؛ إذ يلزم من هذا أن تكون أخًا لأبنائه وبناته أي: تكون وارثًا له وهو وارثًا لك، أبناؤه وبناته يصبحون وارثين لك أيضًا، فالمسألة خطيرة جدًا؛ ولهذا اعتنى بها الشرع عناية عظيمة.
ومن فوائد الحديث: أن الحامل لا تحيض؛ لأنه علَّق الحكم بوضع الحمل، لا بالحيض وجعل ذات الحيض مقابلة للحامل.
ومن فوائد الحديث: أن الحيضة الواحدة تحصل بها براءة الرحم حتى وإن قلنا: إن الحامل تحيض فإن الأصل أنها لا تحيض، وأن الحيض دليل على أنها ليست بحامل، وإذا كان المقصود مجرد براءة الرحم فإن الحيضة الواحدة كافية فيكون هذا الحديث يدل على أن براءة الرحم تحصل بحيضة واحدة، عموم الحديث يتناول البكر وغير البكر لقوله:"ولا غير ذات حمل" فهل هذا العموم مراد أو ليس بمراد؟ المشهور من المذهب أنه مراد وأنها لا توطأ المسبية ولو كانت بكرًا تحيض حيضة مع أننا نعلم أنها بريئة الرحم.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: إن البكر لا يجب استبراؤها والصحيح أنه لا بد من استبرائها حتى وإن كانت بكرًا؛ لأن البكر- وإن لم توطأ- يخشى أن تكون تحملت لماء الرجل يعني: أخذت النطفة فتحملت بها فحملت.