للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحجر أي: حجر الرجم وهذا القول الثاني لا يصح؛ لأنه ليس كل زانٍ يرجم، وعلى هذا فالمعنى الأول أصح؛ ولهذا يقال في الرجل إذا قطعت حجته: ألقمه حجرًا فالمعنى: أن الزاني ترفض دعواه ويلقم حجرًا وهذا ظاهر فيما إذا تنازع الزاني وصاحب الفراش أن الولد للفراش والزاني ليس له شيء حتى وإن وجد شبه يؤيد دعوى الزاني فإنه لا يلحق به، بدليل قصة عبد بن زمعة في غلام تنازع فيه مع سعد بن أبي وقاص حيث قال سعد: إن هذا الغلام لأخي أوصى إلي به، وقال عبد بن زمعة: هذا أخي ولد من وليدة أبي على فراشه، أما سعد فأدلى بحجة وقال: انظر إلى شبهه فنظر النبي صلى الله عليه وسلم إلى شبهه فوجد شبهًا بيِّنًا بعتبه بن أبي وقاص أخي سعد، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم ألغى هذا الشبه وقال: "هو لك يا عبد بن زمعة، الولد للفراش وللعاهر الحجر".

فإذا قال قائل: ما فائدة ذكر المؤلف لهذا الحديث في باب العدد والاستبراء؟

نقول: ذكره واضح، وهو أن المرأة حملت ووضعت ولو من زنا ولكنها وضعت طلاق زوجها فإن عدتها تنقضي؛ لأن الولد للزوج صاحب الفراش، فإذا وضعته انقضت عدتها منه، هذه هي المناسبة في هذا الحديث للباب.

يستفاد من هذا الحديث فوائد: منها: أنه إذا تنازع صاحب الفراش من زوج أو مالك سيد مع آخر زانٍ فإن الفراش مقدم على دعوى الزاني لقوله: "الولد للفراش".

ومن فوائد الحديث: أن الاعتماد بالبينات عند التعارض بين الحكم الكوني والشرعي على الحكم الشرعي ما هو الحكم الكوني؟ أن يكون الولد الذي فيه النزاع مشابهًا للزاني هذا حكم كوني يدل على أن الله خلقه من مائه، لكن الحكم الشرعي مقدمٌ على الحكم الكوني لأن الشرعي هو الحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه، وعلى هذا فنقول: إن تعارض حكمان: شرعي، كوني، أخذ بالشرعي، وألغي الكوني.

ومن فوائد الحديث: أنه لو ادعى الزاني أو لو استلحق الزاني الولد والمرأة ليست ذات فراش، فإن الولد يكون للزاني؛ لأن فحوى الخطاب تدل على أن هذه لمسألة فيما إذا تنازع صاحب الفراش والعاهر وأما مع عدم النزاع فالولد للزاني وذلك لأن الحكم الكوني الآن لا يعارضه حكم شرعي فكيف نلغي هذا الحكم الكوني مع أننا نعلم أن هذا الولد خلق من ماء هذا الرجل؟ فإذا استلحقه، وقال: هو ولده فإنه له وهذا لا شك أولى من إضاعة نسب هذا الولد لأننا إذا قلنا: إنه لأمه ولا ينسب للزاني بأي حال من الأحوال صار هذا الولد ليس له نسب من قبل أبيه، وإنما نسبه من قبل أمه وفي هذا ضاع له وينبني على هذا القول لو أن رجلًا زنى

<<  <  ج: ص:  >  >>