بامرأة وحملت منه فهل يجوز أن يعقد عليها النكاح؟ إن قلنا بأن الزاني ليس له إلا الحجر مطلقًا ولو مع عدم منازع فإنه ليس له أن يعقد عليها النكاح؛ لأن الولد ليس له ولا يجوز للإنسان أن يتزوج حاملًا بولد ليس له، وإذا قلنا بأنه إذا استلحقه الزاني وليس هناك فراش فإنه يلحقه فإنه يجوز أن يتزوج هذه الحامل؛ لأن الولد له فيجوز أن يتزوجها.
فإذا قال قائل: لو أن هذه المسألة وقعت فهل الأولى أن نفتي بهذا القول الثاني أو بقول الجمهور وهو القول الأول؟
نقول: يتعارض عندنا في هذه الحال مصلحة ومفسدة أما المصلحة فهي حفظ نسب الولد وعدم ضياعه على المرأة وكلاهما أمر مطلوب للشرع وأما المفسدة فهي أن يتجرأ الناس على هذه الفعلة الشنيعة فإذا اشتهى امرأة زنى بها حتى تحمل ثم في هذه الحال سوف تضطر إذا خطبها لقبول الخطبة والنكاح ويتلاعب الناس ويكون كل من أراد امرأة ذهب يزني بها ومعلوم أن الناس يريدون الستر، فإذا زنى بها وحملت اضطر أهلها- وهي أيضًا- إلى أن يزوجوها، وهذه المفسدة كبيرة فهل نغلب جانب المصلحة أو نغلب درء المفسدة؟ نحن إذا نظرنا إل أنه فيه مصلحة قلنا: إذا تاب إلى الله وندم على ما فعل وأراد أن ييسر لله عليها نزوجه منها، ويستلحق الولد ويكون الولد له، لكن جانب المفسدة هو الذي يكسر الظهر، نقول: إذا كان اشتهر أن هذا الرجل زنى بهذه المرأة فهنا نغلب جانب درء المفسدة لأنه مشتهر، فإذا زوَّجناه وقد اشتهر انفتح الباب، أما إذا كانت المسألة سرًّا ولم يطلع عليها أحد فهنا نغلب جانب المصلحة؛ لأنه المفسدة هنا قد تكون بعيدة حتى هو لا يريد أن يفضح نفسه ويقول: إنه زنى بها ثم تزوَّجها.
[مسألة]: العلماء اختلفوا هل حق الاستلحاق للأب خاصة أو له ولغيره من الأقارب؟ فمن العلماء من قال إن حق الاستلحاق للأب خاص وليس أن يستلحق أحدًا فالأخ مثلًا لا يمكن أن يقول: هذا فيستلحقه؛ لأنه لو فعل ذلك صار في ذلك إثبات حق على غيره على الأب وعلى الأم وليس له الحق، فهنا إذا قلنا: بأن الحق يستلحق معناه أن الأصل بني على الفرع والعكس هو الصحيح أما إذا استلحقه الأب فإنه يثبت النسب ويثبت لأولاده من بعده فيكون هذا أخًا لهم.
وقال بعض العلماء: بل لكل وارث حق الاستلحاق، الأب معروف وغيره، كل وارث له