حق الاستلحاق، فلو هلك هالك عن أبناء ثلاثة مثًلا فقال أحدهم: هذا أخ لنا فنكون أربعًا فله الحق أن يستلحقه، ثم إن أقر به الثلاثة الآخرون ثبت نسبة لهم وللأب وإن أنكروه فإنه يثبت من مقرٍّ فقط دون الآخرين. واستدل هؤلاء الذين قالوا: إنه يصح الاستلحاق من الأب وغيره بقول المؤلف: "ومن حديث عائشة في قصة"، القصة هو أنه اختصم عبد بن زعمة أخو سودة بنت زمعة وسعد بن أبي وقاص في غلام فقال سعد: هذا غلام أخي ابنه، وقال عبد بن زمعة هذا أخي ولد على فراش أبي من وليدته، أما سعد بن أبي وقاص بحجةٍ قال: انظر إلى شبهة فنظر النبي صلى الله عليه وسلم: إلى الغلام فإذا به شبه بينٌ بعتبة بن أبي وقاص، وأدلى عبد بن زمعة بحجة، وهي أنه ولد على فراش أبيه من أمته، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"الولد لك يا عبد بن زمعة، الولد للفراش وللعاهر الحجر" قالوا: فأقرُّ النبي صلى الله عليه وسلم استلحق عبد بن زمعة لهذا الغلام وقال: "هو لك"، ولكنه قال لسودة:"احتجبي منه يا سودة" مع أنه حكم بأنه أخوها، لكنه أمرها بالاحتجاب، وسيأتي الكلام عليه.
الشاهد من الحديث: أن عبد بن زمعة قضى له النبي صلى الله عليه وسلم بالغلام وجعله أخًا له فقال: "هو لك يا عبد بن زمعة"، ولكن يشكل على هذا الحديث أن سودة لم تقر بذلك ولم تنكر ونحن نقول: لا يثبت نسبه للأب إلا إذا أقر به جميع الورثة، وهنا لم يقر به جميع الورثة فأجابوا عن هذا الإشكال بأن سكوت سودة عن ذلك يدل على أنها موافقة لدعوى أخيها عبد بن زمعة، وأن حكم النبي صلى الله عليه وسلم على هذا الولد بأنه لعبد بن زمعة كافٍ في ثبوته، ولكن المسألة فيها شيء من الإشكال، إذا غير الأب إلا إذا نسبه للأب قال: هذا ولد أبي مثلًا على فراشه كما قال عبد بن زمعة فهنا أراد عبد بن زمعة أن يثبت الأصل قبل أن يثبت الفرع؛ لأنه قال: هذا ولد على فراش أبي فيكون كاستلحاق الأب ويكون الولد هنا بمنزلة الشاهد لا بمنزلة المدعي والمسألة تحتاج إلى بحث؛ لأن فيها إشكال إلا أن حديث عبد بن زمعة واضح في أن عبد بن