للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن فوائد الحديث: حسن بيان الرسول صلى الله عليه وسلم حيث يأتي كلامه واضحًا بينًا وهو أفصح الخلق صلى الله عليه وسلم، والذين يمارسون كلام الرسول صلى الله عليه وسلم كثيرًا يعرفون الحديث الضعيف من غيره بمجرد أن يسمعوا الكلام؛ لأنهم مارسوا لام الرسول وعرفوه، كيف كلماته وكيف أسلوبه الآن لو أن أحدًا أكثر مطالعة كتب شيخ الإسلام ابن تيمية ثم عرض عليه كلام ولم يعلم لمن هو ووجد أن الأسلوب أسلوب الشيخ، عرف أن هذا الكلام كلام الشيخ كذلك كلام النبي صلى الله عليه وسلم، بل أبلغ من هذا ان كلام النبي صلى الله عليه وسلم يؤثر في النفس أكثر مما يؤثر كلام غيره، ويذكر عن شيخ الإسلام رحمه الله أنه بمجرد أن يسمع الكلام المنسوب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم يقول هذا لا يصح، او هذا صحيح دون ان يذكر سنده او مخرجه، فإذا رجع إلى الأصول وجد أن الأمر كما قال، وهذا شيء مجرب.

١٠٩٠ - وعن ابن عبَّاس رضي الله عنهما قال: "لا رضاع إلا في الحولين". رواه الدَّارقطنيُّ وابن عديٍّ مرفوعًا وموقوفًا، ورجَّحا الموقوف.

هذا رأي ابن عباس رضي الله عنهما وهو كغيره من اهل العلم له اجتهاده "لا رضاع إلا في الحولين" أي: لا رضاع محرم إلا ما كان في الحولين، هذا الحديث لا حاجة للكلام عليه؛ لأنه سبق الإشارة إليه، لكن بقي لنا المرفوع والموقوف، المرفوع ما نسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم والموقوف إلى الصحابي، والمقطوع إلى التابعي، والمنقطع من مباحث السند والمقطوع من مباحث المتن، بقينا لو تعارض الموقوف والمرفوع فهل نقدم المرفوع أو نقدم الموقوف؟ على كل حال: إذا كان أحد الرواة في هذا أو هذا أرجح اخذنا بالأرجح، لكن إذا تساووا فرواه فلان وهو ثقة مرفوعًا ورواه فلان وهو ثقة موقوفًا فهل نأخذ بالمرفوع؛ لان معه زيادة علم أو نأخذ بالموقوف؛ لان الأصل عدم الرفع؟ نأخذ بالمرفوع؛ لان معه زيادة علم، مثال ذلك: روى أحد الراويين عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال كذا، والثاني روى عن ابن عباس أنه قال كذا، الأول فيه زيادة وهي ان النبي صلى الله عليه وسلم قال: فمعه زيادة علم تؤخذ، مرجح آخر أن الراوي للمرفوع أحيانًا يحدث بالحديث من نفسه لثبوته عنده دون ان ينسبه للرسول مثل أن يحدث به استدلالا لا إخبارًا، يعني: مثلا يقول: إنما الأعمال بالنيات هو يرويه هكذا ثم يقوله في أثناء كلامه يقصد به إثبات الحكم، لأنه ثابت عنده وأحيانا يحدث به إذا أراد الإخبار حدث به إلى منتهى السند فهذا أيضًا مما يؤيد ترجيح الرفع.

<<  <  ج: ص:  >  >>