للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٠٩١ - وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا رضاع إلا ما انشز العظم، وأنبت اللَّحم". رواه أبو داود.

هذا الحديث يشبه الحديث الأول: " لا رضاع إلا ما فتق الأمعاء" وكان قبل الفطام، يقول: "لا رضاع إلا ما أنشز العظم"، العظم ينشز بواسطة الأعصاب، والأعصاب حبال تشد بعض العضلات إلى بعض قال الله عز وجل: {قال كم لبثت قال لبثت يومًا أو بعض يومٍ}، وهو قد بقي مائة سنة قال: {بل لبثت مائة عامٍ فانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنَّه وانظر إلى حمارك ولنجعلك اية للناس وانظر إلى العظام كيف ننشزها ثمَّ نكسوها لحمًا} (البقرة: ٢٥٩). هذه من آيات الله طعامه وشرابه لم يتغيرا، وقد ذكروا أن شرابه ماء وان طعامه العنب، العنب يبقى مائة سنة لا يتغير والماء يبقى مائة سنة ولا يتبخر ولا يتغير، والحمار يموت ويفنى ويبقى عظامه تلوح وكان مقتضى العادة أن الطعام يخرب قبل أن يموت الحمار، لكن هذه من آيات الله قادر على حفظ ما يتغير فلا يتغير، وعلى الثاني يغيره وغن كان تغيير الحمار قد يكون طبيعيًا.

على كل حال قال: {وانظر إلى العظام كيف ننشزها} نداخل بعضها ببعض ونشدها بالعصب، {وانظر إلى العظام كيف ننشزها ثمَّ نكسوها لحمًا}، فصار ينظر إلى حماره تقوم العظام بعضها إلى بعض وتنشز بالعصب وتكسى اللحم، يعني: كأن أحدًا أمامه يفعل هذا الشيء بكلمة الله عز وجل {فلمَّا تبين له قال أعلم أن الله على كل شيء قديرٌ}، وقوله: "وأنبت اللحم" مثل الأول، والمراد أنه يتغذى به الإنسان ويتأثر به نموًا فهذا هو الرضاع، وعليه فيكون هذا الحديث شاهدًا للحديث الأول فيقوى به.

ما الفرق بين الشاهد والمتابع؟ ما جاء من طريق صحابي آخر فهو شاهد. والمتابع أي في شيخهما، وفائدته تقوية المتابع، يروي زيد عن عمرو حديثًا وزيد فيه بعض الشيء فيأتي بكر فيروي عن عمرو، بكر يسمى متابعًا والمتابعة كما عرفنا تامة وناقصة.

١٠٩٢ - وعن عقبة بن الحارث: "أنَّه تزوَّج أمَّ يحيى بنت أبي إهاب، فجاءت امرأة فقالت: قد أرضعتكما، فسأل النَّبي صلى الله عليه وسلم فقال: كيف وقد قيل؟ ففارقها عقبة، فنكحت زوجًا غيره" أخرجه البخاريُّ.

قوله: "فجاءت امرأة" نكرة لم تعين، ولا حاجة لنا إلى تعيينها؛ لأنها صحابية، ولا يتعلق تعيينها بالحكم والصحابة كلهم عدول إلا من ثبت أنه ليس بعدل، ولكن من أتى جرمًا من الصحابة فإن الله قد قيد له من السوابق والفضائل ما يقتضي مغفرة ما صدر منه، وإلا فليس معصومين من الإثم

<<  <  ج: ص:  >  >>