والشرط الثاني: حاجة المنفق عليه بأن يكون فقيرًا عاجزًا عن التكسب؛ أي: فقيرًا في المال وفقيرًا في البدن، فإن كان ليس عنده مال لكن يستطيع أن يكتسب فإنه لا تجب النفقة له، لأنه يمكن أن يستغني بالسب، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في الزكاة "لا تحل لغني ولا لقوي مكتسب".
الشرط الثالث: اتفاق الدين، فلا تجب النفقة لكافر على مسلم ولا مسلم على كافر، وذلك لانقطاع الولاية والنصرة بين المسلم والكافر ولكن هذا فيه نظر؛ وذلك لأن القرابات لهم حق، وإن لم يكونوا موافقين في الدين؛ لقوله تعالى:{ووصَّينا الإنسان بوالديه حملته أمُّه وهنًا على وهنٍ وفصله في عامين أن اشكر لي ولولديك إليَّ المصير، وإن جهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علمٌ فلا تطعهما وصاحبهما في الدُّنيا معروفًا}(لقمان: ١٤، ١٥) هذا الشاهد، فالقرابة لهم حق وإن كانوا مخالفين في الدين.
الشرط الرابع: في غير عمودي النسب أن يكون المنفق وارثا للمنفق عليه بفرض أو تعصيب فإن كان قريبًا غير وارث أو وارثًا برحم فلا نفقة عليه إلا في عمودي النسب، يعني: الأصول والفروع لقول الله تبارك وتعالى: {وعلى الوارث مثل ذلك} والصحيح أنه متى ثبت الإرث وجبت النفقة سواء كان الميراث بفرض أو تعصيب أو رحم فإنه يجب لعموم قوله: {وعلى الوارث مثل ذلك} أما إذا لم يكن توارثًا فإن الواجب أدنى ما يسمى صلة، يعني: لو فرض أن شخصًَا له أخ فقير وهذا الأخ الفقير له أبناء ففي هذه الحال الأخ لا يرث أخاه الفقير؛ لأن الأبناء يحجبونه، ففي هذه الحال لا تجب نفقته لأنه ليس بوارث، لكن يجب عليه أدني ما يسمى صلة؛ لأن الله تعالى أمر بصلة الأرحام، فلابد أن يأتي بما يكون صلة لأخيه.
اما في عمودي النسب فلا يشترط التوارث فيجب على ابن البنت أن ينفق على ابن أمه، وإن كان أبوه من ذوي الأرحام وهو أيضًا من ذوي الأرحام، هل تجب النفقة بين العمة وابن أخيها؟ إن كان ابن الأخ هو الغني والعمة فقيرة وجب عليه أن ينفق وإن كان العكس فلا يجب، لأنه إذا كان ابن الأخ هو الغني فهو وارث لعمته فيجب عليه الإنفاق وإن كان العكس هو الفقير، والعمة هي الغنية العمة هنا وارثة بالرحم لا بالفرض ولا بالتعصيب فلا تجب نفقة اين أخيها عليها لأنها وارثة بالرحم، وعلى القول الذي رجحناه تجب عليها النفقة؛ لعموم قوله تعالى:{وعلى الوارث مثل ذلك}.
السبب الثالث: الملك فيجب على المالك أن ينفق على مملوكه من آدمي أو بهيمة لقول