فالشروط إذن أربعة: غنى المنفق، وحاجة المنفق عليه يعني: عجزه، والثالث: اتفاق الدين إلا في الزوجة، والرابع: ان يكون المنفق وارثًا للمنفق عليه بفرض أو تعصيب إلا في عمودي النسب، هذا هو المشهور عند الفقهاء الحنابلة - رحمهم الله -.
ويرى بعض العلماء: أن الواجب على القريب الإنفاق مطلقًا لعموم الأدلة الدالة على الصلة، وقد قال الله تعالى:{وءات ذا القربى حقَّه والمسكين وابن السَّبيل}(الإسراء: ٢٦). وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بصلة الرحم وحذر من القطيعة، قالوا: وليس من الصلة أن يكون الإنسان غنيَّا يأكل ما شاء ويلبس ما شاء يسكن ما شاء وله بنت أخ فقيرة ولكن لا يصلح هذا المثال لأنه عمها، ولكن لو كانت البنت هي الغنية والعم هو الفقير فإنه لا يجب عليها الإنفاق؛ لأنها لا ترثه لو مات، يقولون: ليس هذا من الصلة أن تكون بنت أخ غنية جدًا وعمها فقير ثم لا نلزمها بالنفقة، وهذا القول قويٌّ لا شك لكن قد يقال إن قوله تعالى:{وعلى الوارث مثل ذلك} يخصصه فيكون الصلة على غير من يرث حسب العرف وليست نفقة بل ما عد صلة فإنه يوصل.
أسباب النفقة وضوابطها:
أسباب النفقة ثلاثة: أولًا: الزوجية. والثاني: القرابة. والثالث: الملك، ومنه الولاء، لأن الولاء متفرع على الملك، الزوجية تجب من جانب واحد للزوجة على زوجها، ولا تجب للزوج على زوجته إلا إذا كان فقيرًا وهي غنية على رأي أبي محمد ابن حزم رحمه الله فإنه يقول: إذا كانت الزوجة غنية والزوج فقير وجب عليها أن تنفق عليه لقوله تعالى: {وعلى الوارث مثل ذلك} لكنه خالف بذلك أهل العلم، والصواب: أنها لا تجب للزوج على زوجته مطلقًا، ومتى تجب النفقة للزوجية هل هو بالعقد أو بالتسليم أو بماذا؟ نقول: إنما تجب بالتسليم إذا سلمت إليه وجبت نفقته سواء كانت ممن يوطأ مثلها أم كانت صغيرة؛ لأنه إن كانت صغيرة قد يستمتع منها بما دون الجماع، فإذن يشترط لوجوب النفقة التسليم، يعني: أن تسلم إليه فإن أبوا أن يسلموها إليه فلا نفقة، وإن أبي ان يتسلمها فعليه النفقة؛ لأنه ربما يطلب منهم الدخول بعد العقد. يقول: أريد أن أدخل هذا الأسبوع فيقولون: لا، فهنا ليس لها النفقة، أما إذا طلبوا أن يمهلوا الإمهال الذي جرت به العادة، فإن ذلك لا يسقط النفقة وربما تعرض عليه ولا يقبل، يقال له: ادخل فيقول أكمل الدراسة، ففي هذه الحال تلزمه النفقة؛ لأن الامتناع من قبله وهي قد بذلت نفسها واستعدت، إذن سببها الزوجية وشرطها التسليم وهناك تفصيلات كثيرة للفقهاء فيما يسقط النفقة كالنشوز وغيره ليس هذا موضع ذكره.