للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن فوائد الحديث: أنه لا يجوز للمرأة إذا أذن لها في الأخذ من مال زوجها للنفقة أن تأخذ ما خرج عن العادة والعرف لقوله بالمعروف.

ومن فوائد الحديث: جواز القضاء على الغائب؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قضى على أبي سفيان وهو غائب هكذا قال بعض العلماء واستدل بهذا الحديث ولكنه عند التأمل لا يدل على ما ذهب إليه، لأنه الحديث ليس من باب المحاكمة ولكنه من باب الاستفتاء، ولو كان من باب المحاكمة لقال الرسول صلى الله عليه وسلم هل عندك بينة لأن القاعدة الشرعية أن البينة على المدعي واليمين على من أنكر، وعلى هذا فلا يكون في الحديث دليل على القضاء على الغائب وهل هذه المسألة القضاء على الغائب جائزة أو لا؟ نقول: هي جائزة إذا دعت الحاجة إليها ويكون الغائب على حجته إذا حضر، وفي حال ما إذا جاء القضاء على الغائب لا يمكن المقضي له من السيطرة على المال إلا برهن يحرز أو ضامن مليء خوفًا من أن تكون دعواه باطلة فيضيع حق الغائب.

ومن فوائد الحديث: جواز مخاطبة الرجل الأجنبي عند الحاجة وجهه ان هندًا خاطبت النبي صلى الله عليه وسلم وكلمته فلو قال قائل هذا من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم؟ لأن المحذور من المخاطبة في حقة بعيد أم ممتنع فالجواب على هذا أن نقول الأصل عدم الخصوصية وإن كان النبي صلى الله عليه وسلم فيما يتعلق بهذه الأمور له خصائص لم تكن لغيره فيجوز له أن يخلو بالمرأة الأجنبية وان تكشف له وجهها ويجوز أن يتزوج بلا ولي ويجوز أن يتزوج أكثر من أربع لكن هذه الأشياء التي ذكرت الآن قام الدليل على الاختصاص بها، أما المخاطبة فلم يقم دليل على اختصاصه بها، بل إن الدليل قام على أنها ليست خاصة به بدليل أن النساء كن يتكلمن بحضرة الرجال بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم ولم ينههن عن ذلك، بل إن القرآن يدل على جواز مخاطبة المرأة للرجل الأجنبي لقوله تعالى: {فلا تخضعن بالقول فيطمع الَّذي في قلبه مرضٌ} (الأحزاب: ٣٢). فقوله: {فلا تخضعن بالقول} نهي عن الأخص، والنهي عن الأخص يدل على جواز الأعم وهو مطلق القول ولكن يجب ألا نغفل قاعدة معروفة وهي أنه إذا ترتب على المأذون محذور منع فلو كانت في مخاطبة المرأة للرجل الأجنبي محذور فإنه يمنع وإن كان في الأصل جائزًا، لأن المباح من خصائصه أنه تتعلق به الأحكام الخمسة ومعنى ذلك أنه يمكن أن يكون هذا المباح حرامًا ويمكن أن يكون واجبًا ويمكن أن يكون مستحبًا ويمكن أن يكون مكروهًا. ونضرب مثلًا بالبيع وهو حلال بنص القرآن: {وأحل الله البيع} قد يكون حرامًا {يأيها الَّذين امنوا إذا نودي

<<  <  ج: ص:  >  >>