للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع) [الجمعة: ٩]. وقد يكون واجبًا:(يأيها الذين ءامنوا إذا قمتم إلى الصلوة فاغسلوا وجوهكم)[المائدة: ٦]. فإذا كان لا يمكن غسل الوجه إلا بشراء الماء كان الشراء واجبًا، وإذا اشترى الإنسان بصلًا ليأكله عند قرب الصلاة فيكون مكروهًا، فإن قصد ألا يصلي مع الجماعة صار حرامًا.
ومن فوائد الحديث: ما يسمى عند العلماء بمسألة الظفر يعني: من له حق على شخص فكتمه ذلك الشخص، إما عدوانًا وإما نسيانًا، فهل لصاحب الحق أن يأخذ من ماله بقدر حقه؟
من العلماء من قال: له ذلك؛ لأنه في هذه الحال مقتص لنفسه وليس بمعتد، وقد قال الله تعالى:(فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم)[البقرة: ١٩٤]. وقال بعض أهل العلم: لا يأخذ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم:"أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك".
فالذين قالوا: إنه يأخذ استدلوا بما سمعتم من العلة واستدلوا أيضًا بحديث هند حيث أذن لها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تأخذ من مال أبي سفيان بغير علمه ما يكفيها ويكفي بنيها، والذين منعوا ذلك استدلوا بحديث:"أد الأمانة .. الحديث"، وحقك لن يضيع، إن ضاع في الدنيا فإنه لن يضيع في الآخرة، وربما يكون انتفاعك به في الآخرة خير لك من انتفاعك به في الدنيا، والصحيح في هذه المسألة أن يقال: إذا كان سبب الحق ظاهرًا فلصاحب الحق أن يأخذ حقه بغير علم المحقوق مثل النفقة فإن سبب النفقة كل يعرف أن هذه زوجة فلان، وأن على الزوج أن ينفق على زوجته نفقة القريب سببها ظاهر وهو القرابة كل يعرف أن هذا قريب فلان وأن فلانا فقير وفلانًا غني، فللفقير الذي تجب نفقته على الغني أن يأخذ من مال الغني بغير علمه ما يكفيه، الضيف إذا نزل بقوم ولم يضيفوه فله أن يأخذ من مالهم بغير علمهم ما يكفي لضيافته؛ لأن سبب الضيافة معلوم وهو نزول هذا الضيف وهذا القول هو الذي يدل عليه حديث عائشة في قصة هند وبه تجتمع الأدلة، كما أننا لو أجزنا لمن له حق على شخص وكتمه المحقوق، لو أجزنا أن يأخذ من ماله بغير علم، حصل بذلك فوضى وافتراء؛ لأنه يقتضي أن يعطى المدعي بدعواه بغير بينة؛ إذ لو كان لهذا المدعي بينة لكانت البينة تثبت حقه ثم يأخذه منه في