يدرك زمانه ومعلوم أن التابعي إذا أضاف حديثا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو مرسل؛ لأنه لم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم، ومن العلماء من فقال: هو غير مرسل، لكنه موقوف؛ لأن التابعي لا يعني بالسنة إلا سنة الصحابة الذين أدركهم، فيكون هذا من باب الموقوف أي: يكون موقوفا متصلا؛ لأنه أدرك الصحابة، وظاهر صنيع ابن حجر في قوله:"وهذا مرسل قوي" أنه يختار القول بأن قول التابعي من السنة مرفوع مرسل، ولهذا قال: هذا مرسل قوي، والمرسل: ما رفعه التابعي أو الصحابي الذي لم يسمع من الرسول صلى الله عليه وسلم، والراجح أنه ينظر إلى السنة في هذا إذا وجد له شواهد تدل على أنه مرفوع فهو مرفوع وإلا فالأقرب أن قول التابعي:"من السنة" أي: سنة الخلفاء الذين أدركهم.
١١٠٣ - وعن عمر رضي الله عنه:"أنه كتب إلى أمراء الأجناد في رجال غابوا عن نسائهم: أن يأخذوهم بأن ينفقوا أو يطلقوا، فإن طلقوا بعثوا بنفقة ما حبسوا". أخرجه الشافعي والبيهقي بإسناد حسن.
"الأمراء": جمع أمير، و"الأجناد" جمع جند، وهم الذين يبعثون للقتال في سبيل الله عز وجل فتركوا نساءهم بلا نفقة، كتب عمر رضي الله عنه أن يأخذوا هؤلاء الأزواج بأن ينفقوا أو يطلقوا وهذا "أو" لأحد الشيئين يعني: إما الإنفاق وإما الطلاق فإذا أنفقوا لم يلزموا بالطلاق، وإن لم ينفقوا ألزموا بالطلاق فإن طلقوا بعثوا بنفقة ما حبسوا أي: بالنفقة التي حبسوها يبعثون بها إلى أزواجهم.
هذا الأثر أخرجه الشافعي والبيهقي يقول:"بإسناد حسن" فيكون حجة، وهو من سنة أحد الخلفاء الراشدين وهو عمر رضي الله عنه فيكون حجة يعمل بها.
فيستفاد من هذا الأثر فوائد: منها: مراسلة الإمام أمراءه بالأمر الذي يقتضي المراسلة، لأن عمر كتب إلى أمراء الأجناد.
ومن فوائد الحديث: حماية عمر بن الخطاب للرعية حيث كان يتفقد أحوال الرعية إلى أن يتفقد النساء رضي الله عنه.
ومن فوائده: أن الإنسان يطالب بالنفقة فإن أبى ألزم بالطلاق؛ لقوله:"يأخذوهم"، يعني: بأن ينفقوا أو يطلقوا، وهو كذلك على القول الراجح، وقد علمتم الخلاف، لكن القول الراجح أن للزوجة أن تطلب الفسخ.