للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن فوائد الحديث: أن نفقة الزوجة لا تسقط بمضي الزمان؛ لقوله: "فإن طلقوا بعثوا بنفقة من حبسوا"، ووجه ذلك: أن الإنفاق على الزوجة معاوضة عن الاستمتاع بها فإذا كان معاوضة فإنه يجب على الزواج أن يدفع نفقة ما مضى، لأنها تثبت في ذمته فإن قال قائل: كيف يدفع نفقة ما مضى وهو لم يستمتع بها؟

نقول: لأن هذا نم قبله هو فهو الذي سافر، أما لو كانت هي التي نشزت وسافرت فليس لها شيء وهل القريب مثلها يطالب بنفقة ما مضى مثل أن يغيب عنه قريبه وينفق هذا على نفسه بالاستدانة من الناس فهل على القريب أن يقضي هذا الدين الذي كان بسبب النفقة؟

يقول العلماء: لا يلزمه نفقة ما مضى بالنسبة للقريب لأن هذا مجرد إحسان يفوت بفوات وقته، نعم لو فرض أن هذا القريب استدان على ما تجب عليه النفقة بني الرجوع يرجع أنه قضى عنه شيئا واجبا.

١١٠٤ - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، عندي دينار؟ قال: أنفقه على نفسك. قال: عندي آخر؟ قال: أنفقه على ولدك. قال: عندي آخر؟ قال أنفقه على أهلك. قال: عندي آخر؟ قال: أنفقه على خادمك. قال عندي آخر، قال: أنت أعلم". أخرجه الشافعي، وأبو داود واللفظ له، وأخرجه النسائي والحاكم بتقديم الزوجة على الولد.

يقول: "جاء رجل" من هو الرجل؟ لا تعلم عينه ولا يهمنا أن نبحث عن عينه من هو لأن المقصود هو الحكم إلا إذا كان يترتب على معرفة عينه حكم لا يترتب على إبهامه فحينئذ يتعين طلب التعيين أما إذا كان الحكم لا يختلف فلا حاجة إلى أن نضيع الأوقات الكثيرة في الوصول إلى تعيين هذا الشخص، لأن العبرة بالحكم لا بالشخص، نعم لو فرض أننا نحتاج إلى معرفة عينه لتغير الحكم بكونه مبهما أو معينا، كما لو جاء رجل يسأل الزكاة ونحن لا نعلم هو من أهل البيت أو لا؟ فحينئذ يتعين البحث عنه لأنه يختلف به الحكم، قال: "يا رسول الله، عندي دينار"، الدينار: هو قطعة النقد من الذهب وزنته مثقال قال: "أنفقه على نفسك" والدرهم في عهد الرسول أصغر من الدينار بخلاف عهدنا الآن، قال: "عندي آخر" قال: أنفقه على ولدك المراد بالنفس نفقته التي يحتاج إليها من طعام وشراب ولباس قال: "عندي آخر" قال: "أنفقه على ولدك قال: عندي آخر ... الخ" كلمة "أهل" ظاهر كلام ابن حجر أنه يراد بها: الزوجة، ولكن يحتمل أن يراد بها ما هو أعم؛ لأنه إذا سكت عما هو أعم صار ذكر الولد والزوجة

<<  <  ج: ص:  >  >>