يمكن إلا أن يكون إلا لواحد منهم فاستعمال القرعة خير من كون الشيء معلقا فيكون القرعة قد دل عليها الأثر والنظر. إذن إذا اجتمع حاضنان أو أوليان في الحضانة وتنازعا فإنه يقرع بينهما إذا كانا في جهة واحدة وكانا من جنس واحد إما ذكرين وإما أنثيين، وقدم أبوة إن لجهات تنتمي، يعني: إذا تساووا وهم في جهات فقدم جهة الأب، لأن الأصل أن الانتماء للأب مثال ذلك عمة وخالة في جهتين وكلتاهما أنثى فمن نقدم الخالة أم العمة؟ نقدم العمة لأنها من جهة الأب وهذا الضابط هو أحسن نم قيل في ضوابط الحضانة ولكن لا بد أن تلاحظ شرطا مهما وهو مراعاة المحضون فلو كان الأحق يضيع المحضون والمحقوق أشد مراعاة وتربية من الأحق فإننا نقدم المحقوق، لأن المقصود بذلك رعاية الطفل.
يستفاد من هذا الحديث: أنها إذا نكحت انتقلت الحضانة إلى الأب، ولكن هذا ما لم يكن انتقال الحضانة سببا لإضاعة الطفل مثل أن يجعله الأب عند ضرة أمه التي تزوجت، ومعروف ما بين الضرتين من الغيرة التي قد تؤدي إلى البغضاء وحينئذ لا تقوم زوجة أبيه بمصالحة فمثل هذا لا يجوز أن نعطيه الأب حتى وإن تزوجت الأم بل تكون الأم أحق فإن خفنا أن نضيعه أيضا انتقلت الحضانة إلى ما بعدهما لأنه لا يجوز إقرار المحضون بيد من لا يصونه ويصلحه فنحن نقول: إذا كان يلزم من رده إلى أبيه بنكاح أمه أن يضيع الولد وألا يتربى فإنه تنتقل الحضانة من الأب إلى الأم إذا كان يمكن أن تقوم بواجب الحضانة أو إلى من سواها.
١١٠٧ - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن امرأة قالت:"يا رسول الله، إن زوجي يريد أن يذهب بابني، وقد نفعني وسقاني من بئر أبي عنبة، فجاء زوجها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يا غلام، هذا أبوك وهذه أمك، فخذ بيد أيهما شئت، فأخذ بيد أمه، فانطلقت به". رواه أحمد، والأربعة، وصححه الترمذي.
قولها:"إن زوجي يريد أن يذهب بابني" ظاهر الحال أن زوجها طلقها، لأنه لو لم يطلقها لكان ذهابه بابنها إلى بيتها فالظاهر أنه طلقها "وقد نفعني" الفاعل الابن "وسقاني من بئر أبي عنبة" وهي بئر مشهورة في المدينة يعرفها النبي صلى الله عليه وسلم، "فجاء زوجها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ... إلخ".
في هذا الحديث: دليل على ما سبق من أن المدعي يمكن من إبداء الأسباب الموجبة لكون محقا.