ومن فوائده: أن الغلام إذا بلغ سنا يعرف به مصالح نفسه فإنه يخير بين أبيه وأمه فإن اختار أبوه أخذه أبوه وإن اختار أمه أخذته أمه ولكن هل يلزم من ذلك أن يهجر الآخر؟ لا، نقول إذا اختار أباه صار عنده ولكن لا يمنعه من زيادة أمه ولا من زيارة أمه له إلا أن يخشى من ذلك ضررا فهو أعلم وأما بلا ضرر فالواجب أن يمكنه من زيارة أمه ومن زيارة أمه له بلا ضرر.
ومن فوائد الحديث: أن التمييز بها يشترط له سن لأنه هنا علق بفهم الطفل واختياره من يراه أنه أصلح له ولم يعلق بسن معين وهذا موضع اختلف فيه العلماء فمنهم من قال: "إن التمييز يعتبر بالسن وهو بلوغ سبع سنوات، وقال: إذا بلغ الطفل سبع سنوات فهو مميز وما دون ذلك فليس بمميز وذهب بعض العلماء إلى أن التمييز معتبر بالوصف فمن كان ذا تمييز وما دون ذلك فليس بمميز وذهب بعض العلماء إلى أن التمييز معتبر بالوصف فمن كان ذا تمييز فهو مميز وإن كان دون السبع ومن لم يكن ذا تمييز فليس بمميز وإن جاوز السبع وأن ذكر السبع في قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "مروا أبناءكم بالصلاة لسبع" بناء على الأغلب أن من بلغ سبعا صار مميزا.
فإن قال قائل: إذا اعتبرتم التمييز بالوصف فما هو الوصف؟
قال العلماء: هو الذي يفهم الخطاب ويرد الجواب وليس يفهم ولا يرد لأن الذي لا يفهم ولا يدر يكون بثلاث سنوات أو أقل، طفل يفهم هذه أمك وغير ذلك لكن الذي يفهم الخطاب ويرد الجواب هذا ميز، الحديث في المحضون ذكر فهل الأنثى كذلك، يعني: أنها إذا بلغت سبعا تخير بين أبيها وأمها أم ماذا؟ هذا موضع خلاف بين العلماء.
منهم من قال: إنها تخبر، كالابن.
ومنهم من قال: يأخذها الأب، لأن بقاءها وهي بنت شابة عند أمها يخشى عليها إذ إن الأم لا يمكن أن تدافع لو سطا عليها رجل غاشم.
ومنهم قال: بل تبقى عند أمها حتى تبلغ المذهب الأول، أي: أن أباها يأخذها عنده، ولكن القول الثاني أصح، أي: أنها تبقى عند أمها؛ لأن أمها أرحم بها من غيرها، ولأن تعلق البنت أكثر من تعلق الطفل، ولأن عناية الأم ببنتها في تعليم البنت حوائج البيت من طبخ وغيره أكثر بكثيرة من عناية زوجة أبيها أو جدتها من قبل أبيها فالصواب أنها تبقى عند أمها حتى تتزوج إلا إذا خفنا من ذلك ضررا بأن تكون الأم في بيت غير مصون ويكثر الفساق الذين يتسورون البيوت ففي هذه الحال لا بد أن تكون عند أبيها الذي يحميها.