١١٠٨ - وعن رافع بن سنان رضي الله عنه:"أنه أسلم وأبت امرأته أن تسلم، فأقعد النبي صلى الله عليه وسلم الأم ناحية، والأب ناحية، وأقعد الصبي بينهما، فما إلى أمه، فقال: اللهم اهده، فمال إله أبيه، فأخذه". أخرجه أبو داود، والنسائي، والحاكم.
هذا أيضا شبيه بالحديث الأول، أن نافع بن سنان أسلم "وأبت المرأة أن تسلم" ولم يذكر في الحديث ماذا يكون الحكم إذا أسلم الرجل ولم تسلم المرأة؟ والحكم فيه كما يلي إن كانت المرأة يهودية أو نصرانية فالنكاح بحاله لا ينفسخ؛ لأن المسلم يجوز له أن يتزوج اليهودية والنصرانية ابتداء، والاستدامة أقوى من الابتداء، فإذا جاز للمسلم أن يتزوج يهودية أو نصرانية ابتداء فاستدامة النكاح من باب أولى وإذا لم تكن يهودية أو نصرانية بل مشركة فإننا ننتظر حتى تنتهي العدة ولم تسلم تبينا أن النكاح انفسخ منذ أسلم زوجها، وإن أسلمت فالنكاح بحاله -هذا هو المذهب- أننا ننتظر العدة ثلاثة قروء إن أسلمت فيها فهي زوجته وإن لم تسلم فإنه يتبين أن النكاح انفسخ في حين إسلامه لا من انقضاء العدة، وقال بعض العلماء: بل ينفسخ النكاح من حين إسلامه وإبائها لأنها صارت ممن لا يحر له فينفسخ النكاح بمجرد الإسلام إذا أسلم ولم تسلم صار هو مسلما وهي مشركة والمشركة لا يمكن أن تبقى في حبال المسلم لكن المذهب الأول أوسع للناس لأنه ربما يحاول إذا أسلم أن يدعوها للإسلام وربما يهديها اللهع عز وجل.
في هذا الحديث: أن الابن لا يقر عند أبيه إذا كان كافرا ولو اختاره ولا عند أمه إذا كانت كافرة ولو اختارها؛ لأن هذا الصبي مال إلى أمه وهي مشركة وكافرة ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم دعاء الله أن يهديه فمال إلى أبيه وكان الطفل في أول الأمر قد مال إلى أمه فإن قال قائل: إن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يمنع الطفل من الميل إلى أمه وإنما دعا الله له وأنتم تقولون إنه لا حضانة لكافر على مسلم؟
قلنا: إن دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم له مقبول وسيكون بمنزلة المنع ولهذا لو وقعت القصة عند حاكم اليوم أسلم الزوج وأبت المرأة أن تسلم ومال الصبي إلى أمه فهل ندعو الله أن يهديه وإذا لم يرجع إلى أبيه نتركه أو نمنع ميله إلى أمه؟ الثاني لأن الرسول صلى الله عليه وسلم ليس كغيره إذا دعا استجيب له، وفي دعائه إلى أن يهديه الله دليل على أنه إذا اختار أمه وهي كافرة على أن ذلك ليس يهدي ولكنه ضلال وغير فلهذا يتعين ألا يمكن من الميل إلى أمه إذا كانت كافرة وأبوه مسلما.