فقهاؤنا -رحمهم الله- وقالوا: إن نكاح الأم أو الأنثى التي لها حق الحضانة لا يثبت حضانتها إذا كان الزوج من أقارب المحضون، وقال بعض أهل العلم عن العلة في النكاح ليس مجرد النكاح بل عدم رضا الزوج الذي تزوج الأم، أو بعبارة أعم الذي تزوج الحاضنة فإذا كان الزوج راضيا بذلك بل مطالبا به فإن حق الأمر أو المرأة أو بعبارة أعم فإن حق المرأة التي لها الحضانة لا يسقط وعى هذا يكون المراعى حق الزوج فإذا رضي بذلك فلا بأس وعلى الوجه الثاني يكون المراعى حق المحضون إن كان الزوج قريبا منه فالحضانة باقية وإن كان غير قريب فإن الحضانة تسقط، والقولان الأخيران كلاهما في الميزان سواء وذلك أن الزج الجديد إذا رضي بأن تبقى بنت زوجته التي لها حضانتها إذا رضي أن تبقى، وعلم أن الرجل ثقة وأمين فينبغي ألا يسقط حق الأم لأن بقاء الطفلة مع أمه في هذه الحال أقرب إلى مصلحته مما لو كان عند أبيه وجعله الأب عند ضرة أمه التي فارقها، فإن الأمر يكون صعبا وعلى هذا فنختار أحد الوجهين: إما أن نقول: إذا تزوجت من لها الحضانة بزوج أجنبي من المحضون سقطت حضانتها وإن تزوجت بقريب فإنها لا تسقط أو نقول إذا تزوجت من لها الحضانة بزوج لا يختار مع زوجته أحدا فإن الحضانة تسقط، وإن اختار ورضي بل طالب، فإن الحضانة لا تسقط؛ لأنه في هذه الحال لن يضيع المحضون وعلى كل قول من هذين القولين مشى طائفة من العلماء، وأما القول بتقديم حديث البراء بن عازب على ما سبق لأنه في الصحيحين بل أخرجه البخاري فيكون أصح فنقول: لا، لا صحة لهذا القول لأنه من العلماء من قال: إن حقها لا يسقط بالنكاح مطلقا واستدل بحديث البراء ولكننا نقول: لا نعدل إلى التصريح إلا إذا تعذر الجمع، أما إذا أمكن الجمع بأحد الوجهين السابقين فإنه لا حجة إلى الترجيح.
في هذا الحديث فوائد منها: عدل النبي صلى الله عليه وسلم وإلا فمن المعلوم أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أفضل الثلاثة، لكن لعدله صلى الله عليه وسلم قضى بما يقتضيه العدل.
ومن فوائد الحديث: تقديم الأنثى على الذكر في الحضانة إذا كانا في منزلة واحدة وقد سبق لأن الرسول صلى الله عليه وسلم رجح جانب جعفر لكون خالتها معه ولم يراع الأفضلية ولم يقرع بين علي وجعفر لتساويهما في القرابة بل رجح جانب الخالة.
ومن فوائد الحديث: أن الخالة بمنزلة الأم فهل هذا عام في كل شيء أو هو عام أريد به الخاص أي: أن الخالة بمنزلة الأم في الحضانة فقط؟ الثاني هو المتفق عليه والأول فيه نزاع، فمن يرى أن ذوي الأرحام يرثون قال: الخالة بمنزلة الأم في الحضانة والميراث، ومن رأى أنهم لا يرثون قال الخالة بمنزلة الأم في الحضانة فقط.
قال: وأخرجه أحمد من حديث علي رضي الله عنه فقال: والجارية عند خالتها فإن الخالة والدة".