للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يؤخذ من هذا الحديث فوائد: أولًا: احترام الدين الإسلامي لقتل النفس المعصومة لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يحل قتل".

ومن الفوائد: أن نفي الحلِّ، يعني: التحريم لأن نفي الشيء إثبات لضده وعليه فكلمة "ولا يحل" توازي كلمة: يحرم، وهذا في كلام الله ورسوله واضح، فقوله تعالى: {ولا يحلُّ لكم أن تأخذوا ممَّا ءاتيتموهنَّ شيئًا} [البقرة: ٢٢٩]. {يأيُّها الذين ءامنوا لا يحلُّ لكم أن ترثوا النساء كرهًا} [المائدة: ١٩]. فهذا معناه يحرم لكن في كلام الفقهاء إذا قالوا لا يجوز فقد لا يريدون به التحريم قد يريدون به ما دون التحريم وهو الكراهة لكن في كتاب الله وسنة رسوله ففي الحلِّ إثبات للتحريم.

ومن فوائد الحديث: أن من أسباب إباحة القتل هذه الثلاث خصال.

ومن فوائد الحديث: جواز رجم الزاني المحصن، ولكن قال بعض العلماء: إن هذا يدل على الوجوب أي: وجوب الرجم- لأن المستثنى من الحرام واجب إذ لا ينتهك الحرام إلا بواجب لكن هذا فيه نظر لأن نفي الجواز إذا استثنى ما لا يدل على الوجوب {ولا يحلُّ لكم أن تأخذوا ممَّا ءاتيتموهنَّ شيئًا إلَّا أن يخافا ألَّا يقيما حدود الله فإن خفتم ألَّا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما}، ونفي الجناح لا يدل على الوجوب، وهذه القاعدة أن المستثنى من المحرم واجب بنى عليها بعض العلماء وجوب الختان قال: لأن الأصل تحريم قطع العضو من الإنسان فإذا أبيح في الختان دلَّ ذلك على وجوبه لأن الحرام لا ينتهك إلا بواجب، على كل حال: الحكم من حيث هو الحكم لا شك أن رجم الزاني واجب وأنه فريضة من فرائض الله كما أعلن ذلك أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه.

ومن فوائد الحديث: أن الزاني المحصن لابد أن يرجم رجمًا وذلك بالحجارة التي ليست بكبيرة ولا صغيرة مع اتقاء المقاتل، يعني: لا يقصد مقتله فيموت بسرعة.

فإن قال قائل: ما الجمع بين هذا وبين قول النبي صلى الله عليه وسلم "وإذا قتلتم فأحسنوا القتلة"؟ الجمع بأحد وجهين إما أن نقول: إن هذا مستثنى أو نقول إن معنى إحسان القتلة أن يقتل على حسب ما تقتضيه الشريعة.

ومن فوائد الحديث: أنه يشترط للقصاص أن يكون القتل عمدًا لقوله: "متعمدًا"، هل يؤخذ من هذا الحديث اشتراط أن يكون القاتل بالغًا عاقلًا؟ نقول أما من جهة اشتراط أن يكون عاقلًا فلاشك أنه يؤخذ من هذا الحديث لأن المجنون ليس له قصد، وأما غير البالغ فلا يؤخذ لأن له قصدًا لكن يقال إن قصد غير البالغ لا حكم له لرفع القلم عنه أو يؤخذ من قوله: "رجل" لأنه لا يوجب القصاص على غير البالغ لأنه لا يسمى رجلًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>