"عن بنية" متعلق بـ"اعتبط"؛ يعني: وكان ذلك عن بنية؛ لأن مجرد التهمة لا يمكن أن يثبت فيها القصاص إذ أن القصاص عظيم فمجرد التهمة يمكن أن يثبت في القصاص بل لابد عن بنية والبنية شهود رجلين بالاتفاق أو قرائن وتجري في ذلك القسامة كما هو معروف وربما تأتينا، فإنه قود أي يقاد به وسمي قودًا لأن القاتل يقاد يؤخذ برمته؛ يعني: بالحبل ويقاد إلى أن يسلم إلى أولياء المقتول فيقتلونه، إلا أن يرضى أولياء المقتول فإن رضي أولياء المقتول فلا قود وإن رضي بعضهم فلا قود أيضًا للآية: {فمن عفى له من أخيه شيء فإتباع بالمعروف] ومن أولياء المقتول؟ من يرثونه والدليل على هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم "ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فهو لأولى رجل ذكر" فدل ذلك على أن الأولياء هم الذين يرثون لأنه قال: "أولى" إذن الوارث ولي، القريب ولي فإذا اجتمع قريبان أحدهما يرث والثاني لا يرث فالأولى بالولاية الذي يرث.
مسائل مهمة في الديات:
إذن أولياء المقتول هم ورثته وأن في النفس الدية، النفس فيها الدية وبينها النبي صلى الله عليه سلم بقوله:"مائة من الإبل"، وكم أسنانها؟ ستأتي في الحديث القادم، لكن العدد مائة لا تزيد، ويستثني من ذلك المرأة فإن ديتها على النصف من دية الرجل ويستثنى من ذلك أيضًا غير المسلمين فإن دياتهم تختلف عن ديات المسلمين فالكتابي نصف دية المسلم والمجوس والوثني ثمانمائة درهم حوالي مائتي ريال وأربع وعشرون أقل من قيمة الشاة هو لا يساوي شيئًا {إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا}[التوبة: ٢٨]"وفي الأنف إذا أوعب جدعه الدية"، "أوعب"؛ يعني: استكمل واستوعب جدعه يعني: جدع جدعًا تامًا؛ أي: قطع الدية قال العلماء في الأنف أربعة أشياء قصبة ومنخران وأرنبة القصبة هي العظم والمنخران معروفان والأرنبة الحاجز بينهما فإذا قطع المازن وهو ما لان من الأنف ففيه دية كاملة وإن قطع المنخر الواحد ففيه ثلث الدية وفي المنخر الثاني ثلثها وفي الأرنبة الحاجز بينهما ثلث، أما إذا كان جميعًا، ولهذا قال:"أوعب جدعه" كله ففيه الدية لماذا؟ لأنه لا يوجد في البدن منه إلا شيء واحد فلذلك وجبت الدية لأنه لا نظير له، وفي العينين الدية وفي العين الواحدة نصف الدية لأن العينين في البدن منها اثنان "وفي اللسان الدية"؛ لأنه ليس في الجسد منه إلا واحدة "وفي الشفتين الدية"، والشفتان هما اللحم الذي يغطي الأسنان من نابت الأسنان من فوق ومن تحت وليست الشفتان هو ما كان أحمر فقط، فيهما الدية "وفي الواحدة نصف الدية"، "وفي الذكر الدية"؛ لأنه ليس في الإنسان منه إلا شيء واحد، "وفي البيضتين الدية" وهما