للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقول: "دية الخطأ أخماسًا" أي: تجب أخماسًا، وعلى هذا فأخماسًا ليست خبرًا لمبتدأ، وإنما خبر المبتدأ محذوف والتقدير: تجب أخماسًا، ثم فصل فقال: "عشرون حقة"، الحقة ما لها ثلاث سنوات والجذعة ما لها أربع سنوات، والثنية خمس سنوات، لكن الثنية لا تجب في الديات إنما تجب في الأضاحي، وعشرون بنات مخاض لها سنة، وعشرون بنات لبون لها سنتان فصار أول السنوات سنة واحدة ثم الثانية ثم الثالثة ثم الرابعة، أعلاها الجذعة ثم الحقة ثم بنات اللبون وبنو اللبون ثم بنات المخاض فإذا كانت الجناية خطأ وجبت الدية على العاقلة على هذا النحو. إذن ليس فيها ثنية وليس فيها ما فوق الثنية كلها صغار ويظن الظان أنه إذا قيل: إن الدية مائة من الإبل يظن أنها مائة كبيرة وليس كذلك بل هي صغيرة أولها لها سنة. إذن هي صغيرة فتقدر هذه الصغار بالقيمة إذا ذهبنا إلى أن الأصل هو الإبل ثم تدفع القيمة من الدراهم أو من الدنانير.

في هذا الحديث وما يتبعه فوائد أولًا: العمل بالكتابة لقوله: "كتب إلى أهل اليمن".

ومن فوائده: جواز كتابة الحديث، وقد كان في ذلك خلاف في الزمن الأول فأنكره بعض الصحابة والتابعين وقالوا: لا يمكن أن يكتب حديث رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لأنه لو كتب لظن الظان أنه قرآن ولكن الصحيح أنه جائز- أعني: كتابة الحديث- أولًا: أن الرسول (صلى الله عليه وسلم) قال: "اكتبوا لأبي شاة" لما سمع خطبته في عام الفتح قال اكتبوا لي يا رسول الله فأمرهم بالكتابة له، ثانيًا: أن الرسول (صلى الله عليه وسلم) كان يكتب إلى الملوك، وهذا كتابة حديث.

ثالثًا: أن الكتابة مشهورة بين الصحابة، قال أبو هريرة: لا أعلم أحدًا أكثر حديثًا مني عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلا ما كان من عبد الله بن عمرو فإنه كان يكتب ولا أكتب.

ومن فوائد الحديث: أن من قتل مؤمنًا متعمدًا فعليه القود لقوله: "من اعتبط ... إلخ".

ومن فوائده: أنه لا يثبت القود، يعني: القصاص إلا ببينة إذ لو يعطي الناس بدعواهم لادَّعى رجال دماء قوم وأموالهم، فمثلًا لو وجدنا إنسانًا يتشحط في دمه وشخص هارب فهل نقول إن هذا الهارب هو القاتل؟ لا، لماذا؟ لاحتمال إن هذا الهارب لما وقف عند القتيل خاف أن يتهم به فهرب، ولكن إذا وجدت قرينة تكون حجة لنا في اتهام هذا الهارب فلا بأس أن نأخذه وننظر في الأمر ثم هل تجري القسامة أو يقال يحلف هذا المتهم بأنه ما قتل ويخلَّى سبيله في هذا قولان للعلماء منهم من قال إن القسامة تجرى في كل شيء يغلب على الظن أنه حصل به القتل والقسامة أن يدعي أولياء المقتول أن فلانًا قتل قتيلهم ويكون هناك قرينة تدل على صدق دعواهم فيؤتى بالمتهم ويقال: احلفوا عليه خمسين يمينًا بأنه هو القاتل، فإذا حلفوا خمسين يمينًا أنه هو القاتل فإنهم يأخذون برمته ويقتلونه، وإن أبوا ردَّت اليمين على المتهم

<<  <  ج: ص:  >  >>