ويقال: احلف أنك لم تقتل، فإذا حلف برئ وهنا أعملنا قول المدعي لقوة جانبه ورجحانه من أجل القرينة ولكننا لم نجتزئ بيمين واحدة لعظم الحكم فلابد من خمسين يمينًا يحلفها ورثة القتيل، لو أن رجلًا وجد في بيته شخص مقتول وادعى صاحب البيت أن هذا الرجل لص دخل عليه أو أنه رجل فاجر يريد الفاحشة وأنه لم يندفع إلا بقتله فما الحكم؟ المشهور على المذهب أنه إن أتى ببينة على دعواه وإلا قتل به، يعني: صاحب البيت لأننا لو قبلنا دعواه لكان كل شخص يكون بينه وبين شخص عداوة يقول: أدعوك إلى بيتي حتى نزيل ما بيننا من العداوة ويقول إزالة العداوة بين المسلمين واجبة، يقول له: تفضل ثم يقتله، ومن أجل هذا الاحتمال قال العلماء لا نقبل دعواه حتى يأتي ببينة، لكن قال شيخ الإسلام يجب أن ننظر للقرائن فإذا كان القاتل صاحب البيت رجلًا معروفًا بالصلاح وعدم العدوان وكان هذا القتيل معروفًا بالشر والفساد كل يوم يتسور على بيت فإن القول قول صاحب البيت ولو أن أخذنا بما قاله الفقهاء- رحمهم الله- على الإطلاق لحصل شر كثير وفساد كبير وبقي الإنسان لا يقدر أن يدافع عن نفسه في بيته لأنه ليس من المعقول أن نجد بينة تكون في البيت وتشهد بأن الرجل مهاجمًا وأن صاحب البيت مدافعًا، المهم لابد من بينة ولهذا قال عن بينة فإنه قود.
ومن فوائد الحديث: أنه إذا رضي أولياء المقتول بما دون القتل فإنه يسقط القتل وليس من شرط ذلك أن يرضي الجميع بل إذا عفا بعضهم عن القتل سقط عن الباقين لقوله تعالى: {فمن عفى له من أخيه شيءٌ فاتباع بالمعروف}.
ومن فوائد الحديث: أن في النفس الدية كاملة وظاهر الحديث ولو اشتركا في ذلك جماعة فتوزع الدية عليهم فإذا اشترك في قتل إنسان خطأ خمسة وزِّعت الدية عليهم كل واحد عشرون، بخلاف ما لو وجب القصاص فإنه يقتص من كل واحد، والفرق بين الدية والقصاص: أن الدية تتبعض والقصاص لا يتبعض.
ومن فوائد الحديث: أن الأصل في الديات الإبل لقوله: "في النفس الدية" ثم فسر الدية بقوله مائة من الإبل وظاهر الحديث العموم أن في النفس أي عموم ذلك للذكر والأنثى ولكن سيأتي أن الأنثى عقلها نصف عقل الرجل أي خمسون بعيرًا.
ومن فوائد الحديث: أن ما في البدن منه واحد كالأنف واللسان والذكر ففيه الدية كاملة والحكمة من ذلك أنه لا يوجد له نظير في البدن فإذا أتلفه فقد أتلف منفعة كاملة في البدن وعضوًا لا نظير له فتجب الدية.
ومن فوائده: أن ما في الجسد منه شيئان ففي الواحد نصف الدية وفي الاثنين الدية كاملة يؤخذ من قوله: "ففي العينين الدية ... إلخ".