احلفوا خمسين يمينًا أن هذا هو الذي قتل صاحبكم وتوزع الأيمان على وارث الدم، يعني: على وارث المقتول فإذا كانوا خمسة كان على كل واحد عشرة وإذا كانوا ثلاثة كان على كل واحد ستة عشر ويجبر الكسر فتكون على كل واحد سبعة عشر فنقول احلفوا خمسين يمينًا على أن هذا قاتل صاحبكم فإذا حلفوا قلنا: خذوه اقتلوه فيقتلونه وفي هذه الحال تكون هذه القسامة خارجة عن قاعدة الدعاوي من وجوه ثلاثة الوجه الأول: أن اليمين صار في جانب المدعي والأصل أنها في جانب المدعى عليه.
ثانيًا: أن الأيمان كُررت والأصل أن الأيمان لا تكرر.
ثالثًا: كيف يحلف هؤلاء على شيء لم يروه ولهذا سيأتينا في الحديث أن الصحابة امتنعوا أن يحلفوا وقالوا كيف نحلف لم نرى فهذه ثلاثة أوجه خالفت فيها القسامة القواعد المعروفة في الدعاوى فما هو الجواب؟ نقول الجواب عن الأول وهو أنه كيف كانت الأيمان في جانب المدعي والأصل أنها في جانب المدعى عليه؟ نقول الأيمان ليست في جانب المدعي دائمًا الأيمان في جانب أقوي المتداعيين سواء كان المدعي أو المدعى عليه ولذلك لو ادعى شخص بشيء وأقام شاهدًا قلنا له: احلف مع الشاهد وخلده.
وقول المؤلف: دعوى الجم؛ يعني: أن يدعي الإنسان على شخص انه قتل صاحبه والقسامة مأخوذة من القسم وهو الحلف وهي عند الفقهاء أيمان مكررة في دعوى قتل معصوم وتكون في جانب المدعي وفي جانب المدعى عيه والقسامة كانت معروفة في الجاهلية يحكم بها الناس، فأقرها الإسلام على ما كانت عليه؛ لأن الإسلام لا يرد كل ما كان عليه المشركون، ولا يرد كل ما جاء به الكافرون، بل الإسلام دين العدل ودين الحق، فمتى كان الشيء حقًا وعدلاً فإنه عند الإسلام مقبول بقطع النظر عن قائله، وما كان باطلاً فهو مرفوض، بقطع النظر عن قائله؛ لأن الله يقول:(هو الذى أرسل رسوله بالهدى ودين الحق).
تعريف القسامة:
والقسامة، مثل: أن يأتي شخص ويقول: أنت الذي قتلت أخي! فيقول الآخر: ما قتلته، القاعدة أن نقول للمدَّعي: هات بينة، فإن كان عنده بينة فالبينة قائمة مقام الأيمان وإذا لم يكن عنده بينة نقول احلف فإذا حلف أن فلانًا قتل صاحبه عمدًا، قلنا: خذه برمته، يعني: بحبله فاقتله