ولكن لها شروط من أعظمها اللوث، واللوث مختلف في معناه عند الفقهاء، فمن الفقهاء من يقول: إن اللوث هو العداوة الظاهرة كالعداوات التي تكون بين القبائل دون العداوة الباطنة التي تكون بين شخص وآخر، لأن العداوة الظاهرة قرينة مرجحة لدعوى المدعي وهي ظاهرة، لكن العداوة الشخصية خفية ليست ظاهرة فلهذا نقول في تفسير اللوث إنه العداوة الظاهرة ومثالها ما يكون بين القبائل وقال بعض العلماء اللوث كل ما يكون مغلبًا للظن في صدق دعوى المدعي سواء كان عداوة ظاهرة أو كان هذا الذي ادعى عليه القتل بيده سكين متلطخة دمًا وإلى جنبه رجل يتشحط في دمه أو رؤي هاربًا ثم وجدنا خلفه قتيلاً أو سبق أن توعده وتهدده فالمهم أن كل شيء يوجب غلبة الظن في صدق دعوى المدعي سواء كان عداوة ظاهرة أو كان هذا الذي ادعى عليه القتل بيده سكين متلخطة دمًا وإلى جنبه رجل يتشحط في دمه أو رؤي هاربًا ثم وجدنا خلفه قتيلاً أو سبق أن توعده وتهدد فالمهم أن كل شيء يوجب غلبة الظن في صدق المدعي فهو لّوث وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وهو الحق وما وقع بين اليهود والأنصار فهو قضية عين تعتبر مثالاً على ما يبرر القسامة، وكنا قد ذكرنا أن القسامة مخالفة للدعاوي من ثلاثة أوجه:
الأول: أن اليمين في الدعاوي في جانب المدعى عليه لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "واليمين على المدعى عليه"، أو قال:"على من أنكر"، وهنا كانت اليمين في جانب المدعي فيقال اليمين المرجحة وتكون في الجانب للراجح وإذا كانت الدعوى مجردة فمن المعلوم أن الراجح هو جانب المدعى عليه لأن الأصل براءته مما ادعى عليه فإذا قال زيد: أنا أطالب عمرًا مائة درهم فما هو الأصل؟ الأصل مع المدعى عليه لأن الأصل عدم ثبوت هذا الشيء، ولهذا صارت اليمين في جانب المدعى عليه لأن جانبه أقوى ويدل على أن اليمين في جانب أقوى المتداعيين وليست في جانب المدعي فقط ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قضى بالشاهد واليمين ومعنى الشاهد واليمين لو أن شخصًا ادعى على آخر شيئًا وأقام رجلاً واحدًا يسهد بما ادعى به فهنا نحكم له بما ادعى به إذا حلف مع شاهده فيجدون الآن أن اليمين في جانب المدعي لأنه قوي جانبه بالشاهد الذي معه لكن لما كان الشاهد ناقصًا عن النصاب احتيج إلى توكيده بيمين المدعى كذلك أيضًا قال الفقهاء لو أن رجلاً فارق زوجته وادعت أن هذا المتاع في البيت لها وادعى الرجل أنه له فهل نصدق المرأة أو نصدق الزوج؟
قالوا: إذا كان هذا المتاع مما يصلح النساء فالقول قول المرأة، لكن مع يمينها وإذا كان لا يصلح إلا للرجل فالقول قول الرجل فهما عملنا بالظاهر مع اليمين وجعلنا اليمين في جانب المدعي إذا كان الظاهر معه فتبين أن اليمين في القسامة لم تخرج عن قاعدة الدعاوي في هذه المسألة أي يكون الأيمان في جانب المدعي؛ لأن جانب المدعي قوي بوجود اللوث المغلب