للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقتلوا صاحبكم" فقالوا: ليسوا بمسلمين، ومن ليس بمسلم فإنه غير مأمون أن يحلف على الكذب، ولا سيما اليهود فغنهم من مصادر الكذب فوداه الرسول؛ أي: أدى ديته من عنده صلى الله عليه وسلم أي: مما تحت ولايته، وليس المراد: أنه وداه من ماله؛ لأن من المعلوم أن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يبقى المال عنده، حتى إنه جاءه مال ذهب أو فضة فجعل صلى الله عليه وسلم يهتمُّ بذلك حتى فرقه كله، فكان صلى الله عليه وسلم لا يدخر لنفسه شيئًا، فبعث إليهم مائة ناقة. "سهل ... إلخ" سهل الظاهر أنه ابن أبي حثمة الراوي، وقوله: "ركضتني"؛ أي ضربتني برجلها "ناقة حمراء" وأراد بذلك توكيد القضية وأن النبي صلى الله عليه وسلم وداه من عنده.

هذا الحديث أصل في القسامة؛ وفيه ألفاظ متعددة غير هذا؛ ولهذا ينبغي أن يُعتنى به من جميع الجوانب، وتذكر القصة بجميع رواياتها، أولاً ما هي خبير؟ هي عبارة عن مزارع وحصون اليهود وسكن بعضهم المدينة وسبب ذلك أنهم كانوا قرأوا أنه سيبعث رسول يكون مهاجره المدينة فسكنوا فيها ترقبًا لهذا الرسول وكانوا كما قال الله عز وجل: (وكانوا من قبل يستفتحتون على الذين كفروا) أي: يستنصرون عليهم بهذا الرسول الذي يترقبونه وقوله جهد بالفتح المشقة والجهد بالضم الطاقة قال تعالى (والذين لا يجدون إلا جهدهم) أي: طاقتهم وفي حديث الوحي: "ضمني حتى بلغ مني الجهد" أي: المشقة.

وقوله: "خرجوا إلى خيبر" لأنها كثيرة الثمر فهم إما خرجوا يقتاتون أو خرجوا يمتارون أو خرجوا لأن لهم فيها سهمًا المهم ليس لنا شأن لماذا خرجوا إنما هم خرجوا للحاجة، وقوله: أتي محيصة ... إلخ هذا يدل على أن معهما أحد لأن اليهود لا يمكن أن يأتوا إلى محيصة يخبرونه بذلك والواقع كذا؛ أي: ان معهم جماعة من قومهم ولعل منهم الكبراء الذين أشار إليهم سهل بن أبي حثمة، وقول فأتى يهود الفاعل محيصة، فقال أنتم والله قتلتموه قالوا والله ما قتلناه فهنا مدع ومدعى عليه وكل منهما حلف أما الأول محيصة فحلف على غالب ظنه، وأما اليهود فحلفوا إما صدقًا وإما كذبًا، يعني: قد يكون غيرهم قتله لأن خيبر فيها أناس من غير اليهود أو أنهم كذبوا واليهود معروفون بالكذب فأقبل هو وأخوه ... إلخ قوله "كبر" يريد السن، وظاهر سياق الحديث ان الثلاثة أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ليخبروه الخبر فأراد محيصة أن يتكلم؛ لأنه صاحب القصة ولم يتكلم عبد الرحمن بن سهل لأنه ليس حاضراً أو لأنه أصغر القوم أو لأن المقصود ذكر القضية دون المطالبة، وإلا لكان الأحق أن يتكلم عبد الرحمن إما لصغره أو لأنه

<<  <  ج: ص:  >  >>