للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كبِّر، يريد: السنَّ، فتكلَّم حويِّصة ثمَّ تكلَّم محيَّصة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أمَّا أن يدوا صاحبكم، وأمَّا أن يأذنوا بحربٍ. فكتب إليهم في ذلك، فكتبوا: إمَّا والله ما قتلناه، فقال لحويِّصة، ومحيِّصة، وعبد الرحمن بن سهل: أتحلفون، وتستحقون دم صاحبكم؟ قالوا: لا، قال: فتحلف لكم يهود؟ قالوا: ليسوا مسلمين، فوداه رسول الله صلى الله عليه وسلم من عنده، فبعث إليهم مائة ناقةٍ. قال سهلٌ: فلقد ركضتني منها ناقةٌ حمراء". متَّفقٌ عليه.

"سهل"، صحابي و"رجال من كبراء قومه" أيضًا الظاهر أنهم صحابة؛ لأنه لا يهم في مثل هذه القصة عن يهودي أو عن إنسان غير مسلم، وقوله: "جهد" هي المشقة والجوع وقوله: "أصابهم" ولم يقل: أصابهما، يعني: أصاب أهلهم وهم من الأهل، وقوله: "خيبر" لأن خيبر مزارع نخيل يوجد فيها ما يسد جوعهم فخرج إلى ذلك، قوله: "قد قتل وطرح في عين"، العين هي منبع الماء، وهي البئر وخيبر كانت عيونًا تجري، بل إننا شاهدنا نحن وأدركنا أن أحدًا عيونٌ تجري تنبع من الأرض وتمشي لكن نضب الماء وقلَّ، فقال: "أنتم والله قتلتموه قالوا ... إلخ" حويصة أخو محيصة، وعبد الرحمن بن سهل أخو عبد الله بن سهل القتيل.

وقوله: "ذهب محيصة يتكلم" لأنه شاهد القضية، وأخوه محيصة أكبر منه فقال النبي صلى الله عليه وسلم "كبر كبر" يريد السن، فتكلم حويصة وحويصة لا شك أنه قد بلغه خبر القوم، وإلا ما كان ليتكلم بشيء لا يعلمه ثم تكلم محيصة، يعني: بعد ما تكلم حويصة ولعلة أتم ما لم يأت به حويصة وقوله: يدوا صاحبكم، يعمي: يؤدوا ديته إن قبلتم الدية أو يقتل القاتل إن عينتموه وإما أن يأذنوا بحرب؛ لأنهم نقضوا العهد، فإن الذمي إذا نقض العهد بقتل أحد من المسلمين أو اعتداء عليه بزنا او لواط أو ما أشبه ذلك فإن عهدهم ينتقض فكتب إليهم يعني: قال لهم: "إما أن تدوا صاحب القوم وإما أن تأذنوا بحرب فكتبوا: إنا والله ما قتلناه، قوله: "فكتب إليهم في ذلك" هل المراد أن الرسول صلى الله عليه وسلم باشر الكتابة ولكن أمر من يكتب ثم إن الظاهر أنه كتب إليه باللغة العبرية؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر زيد بن ثابت أن يتعلم لغة اليهود ليترجم الرسائل التي تأتي منهم والتي تذهب إليهم إلى لغتهم، فكتبوا: إنا والله ما قتلناه، فقال لحويصة، ومحيصة، وعبد الرحمن بن سهل -أخو القتيل- وحويصة ومحيصة: "عمّاه أتحلفون وتستحقون دم صاحبكم" أتحلفون؛ يعني: على أن اليهود قتلته وتستحقون دم صاحبكم، فقالوا: لا، لا نحلف. وفي لفظ آخر أنهم قالوا: "كيف نحلف ولم نشهد ولم نر" يعني: بينوا سبب امتناعهم عن اليمين؛ لأنهم ما شهدوا ولا علموا بذلك. قال: "فتحلف لكم يهود بأنهم لم

<<  <  ج: ص:  >  >>