للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأول ابن مسعود، الأمر الثالث: وهو خير من ذلك كله أن الحديث متروك، وحينئذٍ نستريح، لكن على تقدير صحته وهي بعيدة يكون في الاحتمالان السابقان قال: "كيف حكم الله ... إلخ".

قوله: "فيمن بغى" ذكر الله تعالى البغي في القرآن طائفتين مقتتلتين تحت راية إسلامية لقوله (وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التَّي تبغى).

والغالب أنه إذا خوطب بالجمع في مثل هذا أنه يخاطب به أهل الحل والعقد، لكن قد تكون الباغية مع نفس الإمام أو الخليفة الشرعي تبغي عليه فأيَّا كان الباغي فله الحكم الآتي قال: "الله ورسوله أعلم"، "أعلم" هنا مفرد وهو خبر عن اثنين "الله ورسوله أعلم"، وذلك لأن اسم التفضيل يُلتزم فيه الإفراد والتذكير إذا كان على تقدير من، أما إذا لم يكن على تقدير من فإنه يكون مطابقًا للموصوف فيقول زيد وعمرو الأفضلان ولا تقول زيد وعمرو أفضلان وليس على تقدير من أما إذا كان على تقدير أفضل من كذا أو أعلم من كذا فإنه يلتزم فيه الإفراد والتذكير، وهكذا ينبغي للإنسان إذا سُئل عن شيء لا يعلمه أن يقول: الله ورسوله أعلم في الأمور الشرعية يقول الآن وقبل الآن، أما في الأمور الكنية فيقول: الله أعلم فقط، والفرق أن الأمور الكونية علمها علم غيب محض والرسول -صلى الله عليه وسلم- ليس عنده من علم الغيب إلا ما أعلمه الله، أما الأمور الشرعية فعلمها علم شرعي والرسول صلى الله عليه وسلم اعلم الناس بالشرع، حتى وإن كان ميتًا فهو أعلم الناس فيجوز أن أقول الآن في حكم شرعي: الله ورسوله أعلم، أما لو قيل لي: هل يقدم فلانًا غدًا فأقول: الله أعلم فقط، قال: يعني: في حكم الله، "لا يجهز على جريحهم"؛ يعني: ان الجريح من البغاة لا يقتل يترك، ولكن هل يُداوى؟ نعم؛ يداوى؛ لأنه له حُرمة، ولذلك لم نجهز عليه بخلاف ما لو جُرح كافر من الحربيين، فإننا نجهز عليه نقتله.

قال: "ولا يقتل أسيرهم" الأسير من الفئة الباغية لا يقتل "والأسير" فعيل بمعنى: مفعول؛ أي: المأسور الذي أسرناه حيًّا فإنه لا يقتل؛ لأنه مسلم حرمته باقية، وإنما جاز قتلا الفئة الباغية لدفع شرها فقط.

أحكام مهمة:

وأما أسير الكفار المحاربين فإنه إن كان من النساء أو الذرية فهو رقيق بمجرد السبي يكون مملوكًا، وإن كان من المقاتلين خُير فيه الإمام بين أمور أربعة: القتل، والفداء بنفس، أو مال، أو المنّ مجانًا، والرابع الاسترقاق، على خلاف في الرابع فإذا أسرنا من المحاربين الكفار فلنا الخيار إما أن نقتله صبرًا فورًا، وإما أن نمن عليه بدون شيء نقول: اذهب فأنت طليق، وإما أن يقادى به بمال أو بمنفعة أو أسير مسلم؛ يعنى: نقول: نفك أسرك وتعطينا مائة ألف أو منفعة

<<  <  ج: ص:  >  >>