سائل آخر أو مني، فليس عليه غسل، ولكن هل يجب عليه ان يغسل ما أصابه؟ نقول: نعم يغسله احتياطا، أما الغسل فلا يجب، ولا فرق في ذلك بين أن يتقدم نومه ما يثير الشهوة أو لا ما دام على شك، فالأصل براءة الذمة، وهذا الحديث يدل على ما ذكرنا.
ومن فوائد الحديث: الفائدة العظيمة وهي أن الشريعة الإسلامية مبنية على الحقائق لا على الأوهام، ولا على الظنون إلا فيما طلب من الإنسان فعله فلا حرج عليه أن يبني عل ظنه أنه أتى بالفعل المطلوب، لكن الأوهام الطارئة على أصل ثابت هذه لا عبرة بها في الشريعة، وهذه قاعدة من أحسن قواعد الإسلام حتى يبقى الإنسان غير متحير ولا قلق، وإلا لبقي الإنسان في أوهام لا نهاية لها، أما ما طولب الإنسان به وغلب على ظنه أنه اداه فإن الظن يكفي ولهذا قلنا: إذا شك هل طاف سبعة أشواط أو ستة وغلب على ظنه أنها سبعة، كم تكون؟ سبعة، كذلك أيضا في الصلاة شك هل صلى ثلاثا أو أربعا وغلب على ظنه أنها أربعا فهي أربعا، لكن الصلاة فيها سجود السهو، والطواف ليس فيه سجود السهو؛ لأن أصله ليس فيه السجود فكذلك سهوه.
المهم: أن هذه من نعمة الله عز وجل أن الشريعة الإسلامية تحارب القلق محاربة تامة، والحمد لله هذا من تيسير الله، لو أن الإنسان كلما أصيب بما يوجب الشك ذهب مع الشك ما قر له قرار ولا اطمأن له بال، لكن من نعمة الله هو ما ذكرته لكم، كذلك مر علينا من قبل قصة الرجل الذي يجد في نفسه شيئا ويشكل عليه أخرج منه أو لا فقال:"لا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا".
ومن فوائد هذا الحديث - ولا سيما زيادة مسلم-: جواز استكشاف الأمر حتى من الكبراء؛ بمعنى: أن الإسلام جعل للإنسان الحرية أن يستكشف عن الأمر الذي يمكن إدراكه وذلك في قول أم سلمة: "هل يكون ذلك" وهي تخاطب الرسول، وهي تعلم رضي الله عنها أن الرسول صلى الله عليه وسلم أقر أن المراة تحتلم؛ لأنه من لازم حكمه أن عليها الغسل إذا رأت الماء أن يكون الاحتلام واقعا، فهي قد عرفت أن الرسول أقرها لكن استكشفت كيف يكون ذلك، وهل يكون؟
فمن فوائده: جواز الاستكشاف عما يمكن إدراكه وبيانه، أما ما لا يمكن فالاستكشاف عنه غلط؛ ولهذا قال الإمام مالك رحمه اله في الذي سأل عن كيفية الاستواء قال: السؤال عنه بدعة لكن ما يمكن إدراكه لا بأس أن تسأل.
ومن فوائد هذا الحديث: تواضع النبي صلى الله عليه وسلم التواضع الجم؛ حيث إن زوجته تتكلم تقول: