هل يكون هذا؟ وربما يظن السامع أنها تعترض وحاشاها من ذلك، ولكنها تريد أن تستكشف، بينما لو أن أحدنا كلمته زوجته في مثل هذا جاءت امرأة تستفتيه وقال: عليك كذا وكذا، فقالت الزوجة: كيف يصير علي كذا وكذا هل يمكن؟ ماذا يقول؟ على كل حال هذا: من خلق النبي - عليه الصلاة والسلام- وحسن سيرته، ولكن يا إخوان إذا مر عليكم مثل هذا وقيل: هذا من سيرة الرسول، هذا من خلقه، هل المراد أن تعلموه علما نظريا؟ لا، أبدا المراد أن تطبقوه، وإلا فما الفائدة، فينبغي للإنسان أن يمارس مثل هذه الأمور، وأن يعود نفسهعلى ما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يعتاده في أهله.
ومن فوائد هذا الحديث: أنه ينبغي تعداد الأدلة وتنويعها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"نعم"، وهذا دليل شرعي يكتفى به عند كل مؤمن، وأضاف إلى هذا الدليل دليلا حسيا، وهو قوله:"فمن أين يكون الشبه؟ ".
ومن فوائد هذا الحديث: أنه ينبغي للمستدل أن يذكر الدليل الذي يقتنع به المخاطب من الناحيتين الشرعية والحسية وكذلك العقلية إذا أمكن؛ لأنه كلما ازدادت الأدلة ازداد الإنسان طمأنينة، ويدل لهذا الأصل العظيم: أن إبراهيم الخليل عليه السلام قال: {رب أرني كيف تحي الموتى}، فقال الله له:{أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي}[البقرة: ٢٦٠]. فليس الخبر كالمعاينة، فأراه الله عز وجل ذلك فيما أمره به أن يفعل ففعل؛ فرأى كيف يحيي الله الموتى عز وجل.
ومن فوائد هذا الحديث: أنه ربما يستدل بالشبه على ثبوت النسب لقوله: "فمن أين يكون الشبه؟ "، ويؤيد هذا ما ورد في قصة عتبة بن أبي وقاص حينما زنى فولد له ولد من الزنا، فلما مات عتبة تنازع اخوه سعد بن أبي وقاص، وعبد بن زمعة في هذا الولد الذي ولد، عبد بن زمعة قال: يا رسول الله، هذا أخي ولد على فراش أبي، وقال سعد: هذا ابن أخي عتبة عهد به إلي، وقالسعد للرسول - عليه الصلاة والسلام-: يارسول الله، انظر شبهه، فنظر إليه النبي - عليه الصلاة والسلام- فراىشبها بينا بعتبة فأعمل هذا الشبه لم يلغه، ولكنه احال الحكم على سبب أقوى وهو الفراش، فقال - عليه الصلاة والسلام-: "الغلام لك يا عبد بن زمعة، الولد للفراش، وللعاهر الحجر"، فثبت الآن أن هذا الغلام أخ لسودة بنت زمعة، زوجة الرسول - عليه الصلاة والسلام-، ولكنه لما رأى الشبه بين لعتبة قال لها:"احتجبي منه يا سودة". فهنا أعمل الشبه، مع أن الولد شرعا الذي حصل فيه التنازع لمن؟ لزمعة شرعا، يرثه إخوانه ويرثونه