يراد به عدم العمل، لكن الأكثر أنه على عدم العلم، يترك فريضة أنزلها الله وهي الرجم، وإن الرجم حق في كتاب الله، أكد ذلك بـ "إن"؛ لأن المقام مهم، "الرجم حق"، أي: ثابت وواجب في كتاب الله، وما هي الآية التي نزلت؟ لم يبينها عمر، لكن قد روي أنها بهذا اللفظ:"الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما ألبتة نكالًا من الله والله عزيز حكيم"، ولكن هذا اللفظ لا ينطبق أو لا يتفق مع الحكم الذي ذكره عمر رضي الله عنه وهذا يدل على أن الآية المنسوخة ليست هي هذا المنقول، ولذلك يقول رضي الله عنه:"على من زنى إذا أحصن من الرجال والنساء"، "على من زنى" والزنا سبق لنا أنه فعل الفاحشة في قبل أو دبر إذا أحصن، وسبق لنا معنى الإحصان وهو أن يطأ الرجل زوجته في نكاح صحيح وهما بالغان عاقلان حرّان، وقوله:"إذا أحصن من الرجال والنساء"، "من" هذه بيانٌ للموصول في قوله: "من زنى".
"إذا قامت البينة أو كان الحبل أو الاعتراف"، هذا شرط ثبوت الزنا، والأول شرط ثبوت الحكم وهو الإحصان، أما ثبوت الزنا فلا بد من قيام البينة، وما هي البينة؟ ذكرها الله في قوله:{لَّولا جاءوا عليه بأربعة شهداء}[النور: ١٣]. أربعة، هذا عدد يدل على أن المعدود مذكر، إذن بأربعة شهداء من الرجال، أو كان الحبل، يعني: الحمل، بأن تحمل امرأة ليس لها زوج وليس لها سيد، "أو الاعتراف"، يعني: الإقرار، فذكر رضي الله عنه أن طرق ثبوت الزنا ثلاثة: البينة، الحمل، والثالث الإقرار وهو كذلك وقد اختلف العلماء - رحمهم الله - في الحمل هل هو طريق لثبوت الزنا أو لا؟ والصحيح أنه طريق لذلك؛ لأن عمر خطب به على المنبر ولم يذكر أن أحدًا نازعه في ذلك أو عارضه.
ففي هذا الحديث فوائد جمَّة: أن عادة السلف أن الذي يتولى خطبة الجمعة هو الإمام؛ أي: الخليفة وهو كذلك، ولهذا قال العلماء - رحمهم الله - إن الذي يتولى إمامة الجمعة وخطبتها وإمامة العيدين هو الإمام نفسه؛ لأنه إمام فيؤم الناس في المجامع الكبيرة العامة.
ومنها: أن الله تعالى بعث محمدًا بالحق وأن دينه ليس فيه شيء من الباطل؛ لقوله رضي الله عنه:"إن الله بعث محمدًا بالحق".
ومنها: فضيلة عمر؛ حيث أعلن هذا الإعلان المبني الذي هو أساس التوحيد، أو بالأصح هو أساس الشهادة بالرسالة أن الله بعثه بالحق.