المسألة الثالثة: "هل يجوز بعد أن ترضعه اللِّبا أن ترجم؟ فيه تفصيل إن وجد من يقوم بإرضاعه أقيم عليها الحد، وإلَّا تركت حتى تفطمه كما جاءت بذلك السُّنة.
ومن فوائد الحديث: أنه لا يحفر للمرجوم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحفر لها، والسُّنة جاءت بالحفر وبعدم الحفر، وعلى هذا فينظر إلى المصلحة في ذلك.
ومن فوائد الحديث: سد الذرائع لقوله: "فشكت عليها ثيابها"؛ لأن هذا سد لذريعة انكشاف الثوب عند مس الألم.
ومن فوائد الحديث: جواز التوكيل في إقامة الحد لقوله: "ثم أمر بها فرجمت"، وقد سبق أن النبي صلى الله عليه وسلم وكَّل أنيسًا.
ومن فوائد الحديث: أن من أقيم عليه الحد بزنًا أو سرقة أو غير ذلك فإنه لا يكفر الدلالة: "فصلى عليها" لأنها لو كفرت بذلك لم يصلّ عليها.
ومن فوائد هذا الحديث: حرص الصحابة - رضي الله عنهم - على استطلاع الحق والعلم به لقول عمر: "أتصلي عليها وقد زنت؟ ".
ومن فوائد الحديث: ان الإقرار بالذنب علامة على التوبة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لقد تابت توبة"، ولا شك أنه علامة على التوبة، وأن الإنسان ندم وغضب على نفسه وأراد أن ينتقم لنفسه بنفسه.
فإن قال قائل: هل للتوبة شروط؟
فالجواب: نعم، شروطها خمسة:
أولها: الإخلاص بألًا يكون الحامل للإنسان على التوبة مراعاة الناس أو طلب جاه أو طلب مال. الثاني: الندم على ما فعل من الذنب، وهنا يرد إشكال فيقال: إن الندم انفعال، والانفعال ليس باختيار الإنسان، أرأيت لو وجد سبب الغضب بغضب الإنسان بدون اختيار المحبة، الكراهة ... كلها بدون اختيار، فالندم انفعال نفسي فكيف يندم الإنسان؟
الجواب: ليس المعنى أن توجد في نفسك هذا الانفعال، بل المعنى: أنك تتمنى أنك لم تفعل، يعني: تقول بقلبك أو بلسانك: ليتني لم أفعل، وإلَّا فالندم انفعال نفسي لا يمكن للإنسان أن يدركه.
الثالث: الإقلاع عن الذنب، وقد سأل أحدكم الآن فقال: رد المظالم، فنقول رد المظالم من الإقلاع، ولا تصح التوبة مع الاستمرار في الذنب، فلو قال قائل: أنا تبت إلى الله عز وجل من الغيبة، ثم قال لجاره: تعال يا فلان، ماذا تقول بفلان وصار يشتم فيه فهل تصح التوبة؟ لا، ولو قال: أنا تبت من الربا لكن أمواله في البنوك فلا ينفع، ولو قال: أنا تائب من ظلم الناس وهو قد استولى على أرض غيره ولم يردها عليه فهذا لا تصلح توبته، فلا بد من الإقلاع عن الذنب.