والرابع: العزم على ألَّا يعود وليس بشرط ألَّا يعود؛ لأن الإنسان قد يعود مع صحة التوبة الأولى، فإذا كان في تلك الساعة عازمًا على ألَّا يعود أبدًا ثم وسوس له الشيطان بعد ذلك فعاد فتوبته الأولى مقبولة صحيحة، ويحتاج إلى أن يجدد توبته للذنب الثاني.
الخامس: أن تكون التوبة في وقت تقبل فيه وذلك نوعان: عام وخاص، فالعام الذي تنقطع به التوبة هو طلوع الشمس من مغربها، والخاص حضور الأجل، ودليل ذلك قوله تعالى:{وليست التَّوبة للَّذين يعملون السَّيِّئات حتَّى إذا حضر أحدهم الموت قال إنِّي تبت الآن}[النساء: ١٨]. ولهذا لما تاب فرعون لما أدركه الغرق ماذا قيل له:{الآن وقد عصيت قبل}[يونس: ٩١]. وأما النوع العام فدليله قوله تعالى:{أو يأتي ربُّك أو يأتي بعض آيات ربِّك يوم يأتي بعض آيات ربِّك لا ينفع نفسًا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرًا}} [الأنعام: ١٥٨]. وقد فسّر النبي صلى الله عليه وسلم بعض هذه الآيات بأنه طلوع الشمس من مغربها.
ومن فوائد الحديث: في قوله: "فشكت عليها ثيابها" أن المرأة تجب المحافظة على سوأتها أكثر من الرجل، وجه ذلك: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر بمثل هذا في حديث ماعز.
ومن فوائده: جواز الصلاة على المحدود، وأن الكبائر لا تسقط الصلاة لقوله:"ثم صلى عليها".
فإن قال قائل: أليس النبي صلى الله عليه وسلم لم يصلِّ على قاتل نفسه؟
فالجواب: بلى، لكن هذا من أجل ردع الناس عن هذه الفعلة القبيحة؛ لأن الإنسان إذا علم أنه لم يصلِّ عليه فإنه يرتدع، ولكن هل تترك الصلاة على قاتل نفسه من كل أحد أو ممن يحصل بتركه صلاته عليه ردع لأمثاله؟ الثاني.
ومن فوائد الحديث: أنه لا يحفر لمن يقام عليه الحد؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر بالحفر لها، وقد اختلفت الأحاديث في ذلك؛ فمنها ما دل على الحفر للمرجوم، ومنها ما سكت عنه، والقاعدة أنه إذا سكت عن شيء وأثبت في موضع آخر فإنه يؤخذ بالمثبت؛ لأن عدم الذكر ليس ذكرًا للعدم، وقد اختلف العلماء في هذه المسألة هل يحفر للمرجوم حين رجمه أو لا؟ فمن العلماء من قال: إن ثبت الزنا بالبينة فإنه يحفر له؛ لأنه لا يمكنه أن يرجع ولا يمكنه أن يهرب لا بد أن يكمل عليه الحد، وإن ثبت بإقراره فإنه لا يحفر له لأنه لو حفر له وأراد أن يهرب صعب عليه ذلك، مع أن من ثبت الحد بإقراره فإنه يجوز له أن يهرب قبل أن يكمل عليه الحد، ومن العلماء من قال: يحفر للنساء دون الرجال، والأصح في هذا كله أنه يرجع إلى رأي الإمام إن رأى في الحفر مصلحة حفر وإلَّا فلا.