للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن فوائد ألحديث: جواز استفهام المرء عما يفعله الكبير؛ لقول عمر: "أتصلي عليها وقد زنت" فلا يستحي الإنسان في الاستفهام أمام الكبير؛ لأن الاستحياء في طلب العلم جبنٌ، ولهذا قال بعضهم: لا ينال العلم مستحيٍ ولا مستكبر.

ومن فوائد الحديث: أن هذه المرأة تابت توبة واسعة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: "لو قسمت بين سبعين من أهل المدينة لوسعتهم".

ومن فوائد الحديث: جواز المبالغة في الأشياء قلة وكثرة؛ لقوله: "لو قسمت بين سبعين من أهل المدينة" وهذا يشبه قوله صلى الله عليه وسلم: "من اقتطع شبرًا من الأرض ظلمًا طوقه الله به يوم القيامة من سبع أرضين"، فإن من اقتطع دون الشبر يطوق به، لكن ذكر الشبر على سبيل المبالغة في القلة، منه أيضًا عند بعض المفسرين قوله تعالى: {إن تستغفر لهم سبعين مرةً فلن يغفر الله لهم} [التوبة: ٨٠].

ومن فوائد الحديث: الاستدلال بالقرائن لقوله: "وهل وجدت أفضل من أن جادت بنفسها لله تعالى"، فإن هذا يدل على كمال توبتها وصدق توبتها.

ومن فوائد الحديث: الإشارة إلى الإخلاص في العمل؛ لأنها جادت بنفسها لله لا لغيره.

هل يؤخذ من هذا الحديث أنه يجوز للإنسان ان يهلك نفسه لله؟ قد يقال: إنه يؤخذ من ذلك أن الإنسان يجوز له أن يفعل ما يكون سببا لإهلاك نفسه لله عز وجل، وقد مر بنا أنه لا يجوز للإنسان أن ينتحر في جهاد الأعداء، لكن له أن يغامر مثل أن يدخل في صف الكفار وحده ربما يستلم والكافر جبان عند المؤمن، فإذا رأى شخصا مقدما وسوف يقدم بقوة وانفعال، فإنهم ربما يفرون منه ويهربون منه فيسلم بخلاف من تأكد أنه سيقتل نفسه فإنه لا يجوز، وعلى هذا فالانتحاريون الذين يركبون السيارات الملغمة حتى يقفوا في صفوف العدو فيفجرونها ليسوا على صواب، لكن ذكر شيخ الإسلام رحمه الله أنه لو كان في التسبب لقتل النفس مصلحة عظمى ن في الإسلام فإنه لا بأس بتلك واستدل بقصة الغلام الذي كان مؤمنًا يدعو إلى توحيد الله وكان ملكٌ ظالم يدعو للشرك وأراد أن يقضي على هذا الغلام فأرسله مرة إلى البحر ومرة إلى رءوس الجبال، وكل هذا يسلم، فدله الغلام على مسألة إذا فعلها قتله، قال: له: تجمع الناس ثم أقوم أمامهم وتأخذ سهمًا من كنانتي، وتقول: باسم رب هذا الغلام، فإذا فعلت هذا قدرت على قتلي، ففعل الملك فآمن الناس كلهم قالوا: لما كانت سلطة الملك لم يقدر على قتله ولما جاء اسم الله قدر على قتله، فإذن الرب رب الغلام فأسلم الناس، وهذه فائدة كبيرة فمثل هذا يجوز، أما أن ينتحر ليقتل شخصًا أو شخصين أو عشرة فهذا لا يوجب انكسار العدو ولا دخوله في الإسلام، بل ربما يوجب ازدياد العدو في الإيغال والإعداد.

<<  <  ج: ص:  >  >>