عليه؛ لأنها لم تنزل آية اللعان، والأصل في قاذف العفيف أن يحد حد القذف لعموم قول الله تعالى:{والَّذين يرمون المحصنات ثمَّ لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدةً}[النور: ٤]. فيكون هذا الحكم الذي حكم به النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن تنزل آية اللعان، من أين أخذه النبي صلى الله عليه وسلم؟ أخذه من العموم:{والَّذين يرمون المحصنات ثمَّ لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدةً} هذا الرجل الذي قذف زوجته بالزنا رمي المحصنات ولم يأت بأربعة شهداء، فيجلد ثمانين جلدة، ولكن الله سبحانه خفف عن الزوج إذا قذف زوجته بالزنا خفف عنه بمشروعية اللعان، وكيفيته: أن يحضر القاضي الزوج والزوجة ويقول للزوج: ادَّع ما ادعيت، فإذا ادعى وقال: هذه زوجتي قد زنت ماذا يقول؟ يسأل الزوجة فإن أقرت انتهى الأمر ولا حاجة لطلب البينة؛ لأن إقرارها بينة شهادة على نفسها، فإذا أقرت أقيم عليها الحد، وما هو حدها؟ إن كانت بكرًا فحدها الجلد، وإن كانت ثيِّبا فحدها الرجم، ولكن كيف تكون بكرًا؟ يقذفها قبل أن يطأها حتى لو دخل عليها ولكن لم يطأ، فإنه لم يدخل بها، إذن نقول: إذا أقرت أقيم عليها حد الزنا؛ إن كانت بكرًا فالجلد والتغريب، وإن كانت ثيبًا فالرجم، إن أنكرت قلنا للزوج: هات البينة أربعة رجال يشهدون بأنهم رأوها تزني بصراحة فإن لم يقم البيئة تجري اللعان، لا نقيم حد الرجم؛ لأن الزوج مع الزوجة مستثنى فنجري اللعان، نقول للزوج: اشهد أربعة شهادات بالله أنها زانية وأنك صادق فيما رميتها به وفي الخامسة قال: إن لعنة الله عليك، ويجعل ضميرًا لنفسه إن كان من الكاذبين، ثم يقال للزوجة: ماذا تقولين؟ إن نكلت فسيأتي ذكر حكمها إذا قالت: لا أقول شيئًا، إن لاعنت قلنا: لابل أن تقولي أربع مرات: أشهد بالله أنه كاذب فيما رماني به من الزنا وتقولي في الخامسة، وأن غضب الله عليها أي: بضمير المتكلم إن كان من الصادقين، فإذا فعلت ذلك وجب أن يفرق بينهما تفريقا مؤبدًا لا تحل له أبدا، ويدرأ عنها العذاب - عذاب الزنا - بملاعنتها ويدرأ عن زوجها عذاب القذف بملاعنته، فإن لاعن وأبت أن تلاعن فقيل: إنها تحبس حتى تقر أو تلاعن، وجعل هذا تفسير قوله تعالى:{ويدرءوا عنها العذاب}[النور: ٨]. الذي هو الجلد {أن تشهد أربع شهاداتٍ باللَّه}[النور: ٨]. قالوا: إن العذاب هنا الحبس، وقيل: إن نكلت أقيم عليها حد الزنا،