للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في بعض الجهات، أو يقال: إن المراد بالبيضة: البيضة التي توضع على الرأس عند القتال، وهي عبارة عما يشبه الإناء يضعه الإنسان على رأسه يتقي به السهام، أما الحبل فالحبل من الحبال ما يبلغ ربع دينار، الحبل المطوي الطويل يبلغ ربع دينار أو يقال: إن المراد بالحبل: الحبال الغليظة التي تربط بها السفن على الساحل، وهو يبلغ هذه القيمة. المهم: أنه لا بد من تأويل الحديث مع ما يتناسب مع الحديث الثاني.

ومن فوائد الحديث: أن سرقة ربع الدينار تهدر عصمة اليد، وقد اعترض بعض الزنادقة على الشريعة في هذا الحكم وقال: كيف تقطع اليد في ربع دينار، وإذا قطعت اليد وجب فيها خمسمائة دينار؟ فدية اليد خمسمائة دينار، فكيف تقطع هذه التي قيمتها خمسمائة دينار في ريع دينار، وهل هلًا إلَّا تناقض، وفي ذلك يذكر عن المعري أنه قال في ذلك: [البسيط]

يدٌ بخمس مئينٍ عسجدًا وديت ... ما بالها قطعت في ربع دينار

تناقضٌ ما لنا إلَّا السُّكوت له

وصدق في قوله: "إلًا السكوت له"، وكلب في قوله: "تناقض"، لا يوجد تناقض، فأجيب:

قل للمعري عارٌ أيما عار ... جهل الفتى وهو عن ثوب التُّقى عار

معناه: أنك جاهل ولا عندك تقوى؛ لأن الجاهل الواجب عليه أن يسكت، وبيّن أنه إنما قطعت بربع دينار حماية للأموال، ووديت بخمسمائة دينار حماية للنفوس، ولهذا قال:

حماية النَّفس أغلاها وأرخصها ... حماية المال فافهم حكمة الباري

وقال بعضهم: لما خانت هانت، ولما كانت أمينة كانت ثمينة، فالحاصل: أن الحكمة واضحة جدًّا، وأن الله تعالى جعل ديتها خمسمائة دينار حفظًا للنفوس حتى لا يجترئ أحد على قطع الأيدي، وجعلها تقطع في ربع الدينار حماية الأموال حتى لا يجترئ السراق على أموال الناس.

١١٨١ - وعن ابن عمر رضي الله عنهما: "أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قطع في مجنٍّ، ثمنه ثلاثة دراهم". متَّفقٌ عليه.

"قطع في مجن" أي: بسبب، فـ "في" هنا للسببية، وفي الكلام محذوف والتقدير: في سرقة مجن، والمجن: ما يجتنُّ به المقاتل عن القتال، ويقال له: ترس يتترس به المقاتل، ثمنه ثلاثة دراهم فقطع في ثلاثة دراهم، فهل هذا الحديث يخالف ما سبق: "لا تقطع إلَّا في ربع دينار؟ "

<<  <  ج: ص:  >  >>