الهجرة، وروي أهل التاريخ أنه في يوم الجمعة العشرين من شهر رمضان، فيكون النبي (صلى الله عليه وسلم) أدرك تسعة أيام من رمضان في مكة ومع ذلك فقد ورد في البخاري أنه لم يصم هذه الأيام التسعة، لأنه مسافر ومشغول بتدبير شئون الفتح وما يتعلق به.
وقوله:"على رأسه المغفر" الجملة من حيث الإعراب في محل نصب على الحال، والمغفر: آلة الغفر، أي: الستر؛ لأن مفعل تطلق على معان منها الآله مثل مقلاع، محراب، آله الحرب، مغفر على وزن مفعل يعني: آله الغفر: هو الستر مع الوقاية، وهو شيء يلبس على الرأس يقي سهام المقاتلين، "فلما نزعه- يعني: انتهي الحرب ونزعه- جاءه رجل وقال: ابن خطل متعلق بأستار الكعبة .. الخ) ابن خطل اسمه عبد الله، قال: "متعلق بأستار الكعبة" متعلق بها تأمينًا على نفسه، لأن هذا البيت من دخله كان آمنًا فالمتعلق بأستار الكعب يكون أشد أمنًا فهذا الرجل متعلق بأستار الكعبة، ولكن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: "اقتلوه"، فقتل لا شك، وكان ذلك ضحي يوم الفتح وقد أحل الله لنبيه (صلى الله عليه وسلم) مكة من ضحي يوم الفتح إلى صلاة العصر، وهذا معني قوله: "وإنما أحلت لي ساعة من النهار" يعني: من طلوع الشمس إلى العصر- حوالي ثماني ساعات- لكن ليست الساعة الاصطلاحية.
* فائدة: اتخاذ الأسباب لا ينافي التوكل.
من فوائد هذا الحديث: أولاً: مشروعية فعل الأسباب الواقية من الضرر وأنها لا تنافي التوكل، وذلك للبس الرسول (صلى الله عليه وسلم) المغفر على رأسه وقاية من السهام وقد ظاهر (صلى الله عليه وسلم) في غزوة أحد بين درعين، يعني: لبس درعين، ليكون ذلك أشد حماية، ففعل الأسباب النافعة الثابتة شرعًا أو حسًا من الأمور المطولبة الثابتة شرعًا كالرقي التي يرقيها على المرضي أو على نفسه والأوراد وما أشبه ذلك هذه نافعة ثابتة بالشرع، والثابتة بالحس كالذي يثبت بالتجارب كثير من الأدوية يثبت نفعه بالتجارب، فمتى ثبت حسًا بأن هذا نافع فإنه مأمور أما ما كان ينفع وهمًا ولا أثر له في الواقع فإن الاعتماد عليه من باب الشرك بالله كلبس الحلقة لدفع البلاء أو رفعه فإن هذا من باب الشرك لكنه شرك أصغر، ووجه كونه شركًا، إنه إثبات سبب لم يثبت شرعًا ولا حسًا وهذا يقتضي أن يكون المثبت مقدرًا مع الله وربًا مع الله، فإذا كان هذا لم يثبت أنه سبب لا شرعًا ولا حسًا فإنه لا يجوز الاعتماد عليه.