ومن فوائد الحديث: أن للأسباب تأثيرًا، لأن النبي لبس المغفر ولولاً أنه تحصل به الوقاية لكان لبسه عبثًا لا فائدة منه، فالأسباب لها تأثير سواء كانت أسباباً شرعية أو أسباباً حسية، أما الشرعية فمثل قول الرسول (صلى الله عليه وسلم): "من أحب أن ينسأ له في أثره ويبسط له في رزقه فليصل رحمه" وأما الأسباب الحسية فكثيرة.
ثبوت تأثير الأسباب وأدلته:
وبهذا نرد على من قالوا: إن الأسباب لا أثر لها ولا تؤثر، لأن من العلماء من قال: إن الأسباب ليس لها أثر حتى لو رميت زجاجة بحجر فانكسرت فإنها لم تنكسر بإصابة الحجر، الحجر لا يمكن أن يكسر، قال: هذه انكسرت عند الإصابة وليس بالإصابة، الإصابة هذه علامة أنه إذا التقى الحجر بالزجاج انكسر إمارة وليس له تأثير، ولا أدري كيف تكون هذه أمارة ولو ضربنا الحديد بالحجر لم ينكسر.
ومن فوائد الحديث: العمل بالأسباب.
ومن فوائد الحديث أيضًا: أن للأسباب تأثيرًا، وذكرنا أن للعلماء في هذه المسألة ثلاثة أقوال: طرفان ووسط أما الطرفان فالأول أنه لا تأثير للأسباب مطلقًا وأن ما يحصل من التأثير بها فهو حاصل عندها لا بها وأنها مجرد علامات، يعني: علامة انكسار الزجاجة إذا ضربها الحجر أن يصدمها الحجر وليست تنكسر به، وهذا مذهب الأشاعرة ومذهب كل من ينكرون الحكمة في أفعال الله (عز وجل) لأنهم لا يعللون الأفعال والقوائع، ولا شك أن هذا القول باطل ومردود بأوجه كثيرة بالدليل العقلي والسمعي والحسي وأن هذا لو ذكر أنه من عقائد المسلمين عند غير المسلمين لاتخذوا عقيدة المسلمين هزوا؛ لأن هذا القول يكذبه الحس والواقع، يعني: لو أن إنسانًا قذف بحجر على زجاجة فانكسرت وقالت: إنها لم تنكسر بالحجر وإنما انكسرت عنده لا به لضحك الناس من هذا، والعجب أن القائلين بهذا القول يرون أنهم هم أهل الإخلاص، لأن إثبات تأثير الأسباب عندهم من باب الشرك حيث جعلوا مؤثرًا دون الله أو مع الله، وهذا القول تصوره كاف عن سياق أدلة بطلانه.
الطرف الثاني: القائلون بأن الأسباب مؤثرة بطبائعها بمقتضى طبيعتها مؤثرة بذاتها، فالحجر هو الذي كسر الزجاجة بنفسه وبطبيعتها، والنار هي التي أحرقت الورق بنفسها، وهذا القول باطل بدلالة الواقع ودلالة الشرع، يعني: بدلالة الشرع والواقع على أنه باطل وهو نوع من الشرك بالله (عز وجل) لأن اعتقاد أن شيئًا ما يؤثر في الشيء الآخر بنفسه دون الله هذا شيء من الشرك