للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كلمة الطير الواثق بنفسه: {فقال أحطت بما لم تحط به} , يعني: نتعجب كيف يقول الهدهد لسليمان هذا الكلام, فجعل نفسه في هذه القضية أعلى من سليمان, {فقال أحطت بما لم تحط به وجئتك من سبأ بنبأ يقين} [النمل: ٢٢]. ليس فيه شك {إني وجدت امرأة تملكهم ... الخ القصة} [النمل: ٢٣]. فمن أجل أنه كان سببًا في إسلام أمة كان بركة على جنسه من الطيور وهو الهدهد, فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن قتله. بقينا في الرابع وهو: "الصرد" وهو طائر معروف, ويمكن أن ترجعوا إلى المنجد المصور حتى تعرفوه بصورته, وهو طائر أكبر من العصفور قليلاً له منقار أحمر, لكن أهل الطيور اختلفوا عندي فيه, ولكن نرجع إلى كتب اللغة, هذا الأخير المجهول الحال هو مجهول العلة أيضاً لا ندري ما السبب, وليس لنا إلا أن نقول: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن قتله وكفى, هذه أربع من الدواب نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن قتلها, والنهي عن قتلها يتضمن النهي عن أكلها؛ لأنها لم تؤكل إلا بعد أن تذبح أو تقتل فيكون النهي عن القتل مستلزمًا للنهي عن الأكل, والنتيجة أنها تكون حرامًا, ولهذا يمكن أن نكون قاعدة فنقول: كل ما أمر الشرع بقتله فهو حرام, وكل ما نهى عن قتله فهو حرام, ووجه ذلك أنه أمر بقتل الفواسق مثل الغراب والحدأة والعقرب والفأرة والكلب والعقور أمر بقتلها لفسقها وإذا كانت فاسقة فإنه ربما يتأثر المتغذي بها ويأخذ من فسقها وعدوانها, أما ما نهى عن قتله فظاهر أنه حرام؛ لأنه لا يمكن أكله إلا بقتله فلهذا نأخذ قاعدتين:

الأولى: كل ما أمر الشارع بقتله من الحيوان فهو حرام, وكل ما نهى عن قتله فهو حرام, وحينئذ أيضًا نرجع إلى مسألة جواز قتل الحيوانات هل يجوز أن نقتل الحيوانات كلها أو لا؟ نقول: أما ما كان مباحًا فقتلها حرام؛ لأنني لم اقل: تذكيته, يعني: لو خنقت شاة هذا قتل فهو حرام؛ إذن ما أحله الله فهو حلال بتذكيته, وما أمر بقتله من المحرمات فقتله مشروع إما وجوبًا أو استحبابًا, وما نهى عن قتله من المحرمات فقتله حرام أو مكروه على حسب اختلاف العلماء في هذا, وما سكت عنه ما هو الأصل؟ الحل, معناه: أن كل الصوارير التي عندك في البيت اقتلها وكل الضباب اقتلها, يعني: الذي لا يخوف الصبيان ولا يوقظ من النوم ولا يفسد الطعام ولا يفسد البيت, فقال بعض أهل العلم: إنه لا يجوز قتله, وإن كان مما سكت عنه؛ لأن الله تعالى يقول: {وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها} [هود: ٦]. ويقول: {وإن من شيء إلا يسبح بحمده} [الإسراء: ٤٤]. وأنت الآن قطعت رزقها وقطعت تسبيحها لله عز وجل فلا يحل ذلك, وقال بعض أهل العلم: بل يكره ولا يحرم؛ لأن الإنسان إذا قتل هذه الحشرات تعودت نفسه على انتهاك ذوات الرواح وصار فيه شيء من العدوان, وهذا أقل أحواله أن يكون مكروهًا؛ وهناك قول ثالث, وهو: أنه حلال؛ لأنه مما سكت عنه, وقد قال الله تعالى: {هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعًا} [البقرة: ٢٩]. وأقرب الأقوال عندي أنه مكروه إلا لسبب إذا كان هناك سبب فلا بأس.

<<  <  ج: ص:  >  >>