للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واختلف العلماء في هذه المسألة فمنهم من يقول: إن التسمية سنة وليست بواجبة فإذا ذبح وسمى فهو أكمل وإذا ذبح ولم يسم فالذبيحة حلال، ولو كان عمداً، ومنهم من قال: إن التسمية واجبة ولكنها تسقط بالسهو والجهل لقول الله تعالى: {ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا} وقوله: {وليس عليكم جناح فيما أخطأتم ولكن ما تعمدت قلوبكم} [الأحزاب: ٥].

ومنهم من يقول: إن التسمية شرط ولا تحل الذبيحة بدونها سواء تركها سهواً أو جهلاً.

وهذا القول أصح الأقوال وأشدها انطباقا على القواعد، وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم اشتراط لحل الأكل شرطين: الأول إنهار الدم، والثاني التسمية فإذا كان اختلاط الشرط الأول وهو إنهار الدم موجباً لتحريم الذبيحة فكذلك إذا اختل الشرط الثاني ولا فرق، أرأيت لو أن إنساناً نسي وذبح الذبيحة من خلف العنق وماتت الذبيحة وصار الدم يخرج منها حتى نفد الدم وماتت لكنه نسي أتحل الذبيحة؟ لا تحل، وكذلك لو كان جاهلاً فذبحها من على الرقبة حتى ماتت نبض الدم وماتت فإنها لا تحل.

إذن ما الذي جعلنا نقول إذا نسي التسمية حلت وإذا جهل وجوبها حلت مع أن كلا الأمرين في شرط واحد لا وجه لذلك وأما قوله تعالى: {ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا} فنقول: نعم لا يؤاخذ الإنسان إذا ذبحها بدون تسمية جاهلاً أو ناسياً وليس الشأن بالذبح الآن الذبح إذا كان ناسياً أو جاهلاً فإنه لا يأثم به بلا شك، الكلام على الأكل هذا الذي يأكلها علاماً ذاكراً غير مكره قد تعمد المعصية لقوله تعالى: {ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه} [الأنعام: ١٢١].

ولهذا لو أن الإنسان أكل من هذه الذبيحة التي لم يسم عليها جهلاً أو نسياناً فلا شيء عليه لأن هناك فرقاً بين الذبح الذي هو فعل الذابح وبين الأكل الذي هو فعل الآكل فهما مفترقان فالذبح إذا تعمد الإنسان ترك التسمية [فيه] إنها لا تحل ولا إشكال في ذلك، لو نسي أو جهل فإنه ليس عليه إثم لأنه ناس أو جاهل، لكن يبقى الآكل إذا أراد أن يأكل قيل له هذه الذبيحة لم يسم الله عليها إذا أكل فقد تعمد مخالفة قول الله تعالى: {ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه} وإذا تأمل الإنسان المسألة وجد أن هذا هو الصواب من وجهين: أولاً: لظاهر النصوص، وثانياً لأنه أقرب إلى القواعد لأن الشرع لا سقط سهواً ولا جهلاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>