فإذن قال قائل: إذا حرمتم متروك التسمية سهواً أو جهلاً أضعتم الأموال لأن هذا يقع كثيراً في الناس؟
قلنا: الأمر بالعكس، لأننا إذا قلنا بتحريم متروك التسمية سهواً أو جهلاً أقمنا الناس واستقام الناس على الذكر؛ لأن الإنسان إذا حرم بعيره وهي بخمسة آلاف ريال وقلنا: حرم أكلها، ارمها للكلاب فهل ينسي في المرة الثانية أن يسمي؟ لا ينسى ربما يسمى عشر مرات ويخشى أن التسمية الأولى فيها نقص حركة أو شيء لكن لو قلنا: بأنه مستحب فربما يتهاون.
ونظير هذا الاعتراض أعني أن يعترض الإنسان فيقول إذا حرمتم متروك التسمية سهواً أضعتم أموالاً كثيرة نظير هذا من اعترض على قطع يد السارق وقال: إذا قطعتم يد السارق جعلتم نصف الشعب أقطع، وهذا قرأناه في بعض المجلات، نقول: هذا بالعكس بل إذا قطعنا يد السارق قلت السرقة.
يوجد إشكال في إعراب الحديث وهو قوله:«ليس السن والظفر» فلماذا لم تكن مرفوعة على أنها اسم ليس؟ يقولون: إن هذه- أعني «ليس» في المكان- وما أشبهها أداة استثناء واسمها محذوف وجوباً، وعلى هذا فنقول: ليس فعل ماض وهو أداة استثناء، وإن شئنا قلنا: السن مستثنى كما نقول ذلك فيما بعد إلا، أو نقول: اسمها مستتر وجوباً والسن خبرها، والسن بين الرسول صلى الله عليه وسلم أنه العظم، والظفر: العلة فيه أنه مدى الحبشة، نرجع للفوائد.
من فوائد الحديث: أنه لابد لحل الذبيحة من إنهار الدم، لقوله:«ما أنهر الدم» ولكن هل هو من أي موضع؟ لا؛ لأنه لا يمكن إنهار الدم إلا من موضع واحد وهو الرقبة؛ لأنها مجمع العروق ويكون إنهار الدم بقطع الودجين وهما العرقان الغليظان المحيطان بالحلقوم.
ومن فوائد الحديث: أنه إذا حصل إنهار الدم حلت الذبيحة وإن لم يقطع الحلقوم والمريء، وهذا هو القول الراجح، والمسألة فيها أقوال متعددة تصل إلى ستة أقوال؛ ولكنها كلها ليس عليها دليل واضح إلا هذا القول: إن الواجب هو قطع الودجين لأن بهما إنهار الدم، لكن لا شك أن الأكمل أن يقطع الأجزاء الأربعة وهما الودجان والحلقوم مجرى النفس والمريء مجرى الطعام والشراب.
ومن فوائد الحديث: أنه لا تحل الذبيحة إلا إذا ذكر اسم الله عليها لقوله: وذكر اسم الله عليها؛ لأن ذكر اسم الله عليها معطوفة على الشرط، والمعطوف على الشرط يكون شرطاً مثله، والجواب: قوله فكل.