المرتبة السادسة: أن يقطع الحلقوم وحده فقط فهذه لا تجزئ قولاً واحداً حتى على المذهب لا تجزئ.
المرتبة السابعة: أن يقطع المريء وحده فهذه لا تجزئ أيضاً، بقى عندنا أن يقطع أحد الودجين فهذه أيضا لا تحل؛ لأنه لا يحصل بذلك إنهار الدم، فصار الآن عندنا أكمل الحالات في الزكاة أن يقطع الأربع الودجين والحلقوم والمريء.
من فوائد الحديث: أن الذبيحة لا تحل إلا إذا ذكر اسم الله عليها لقوله: «وذكر اسم الله عليها» بأن يقال: باسم الله، لو أن الإنسان قال: يا الله ثم ذبح فهذا لا يجزئ؛ لأن هذا لا يقال له: ذكر، يقال له: دعاء، ولابد من ذكر اسم الله.
ومن فوائد الحديث: أنه إذا نسي اسم الله، أي: نسي أن يذكر اسم الله عليه فإن الذبيحة لا تحل، وجه الدلالة أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل ذكر اسم الله شرطاً والشرط لا يسقط بالنسيان، ولأن الله تعالى قال في القرآن الكريم:{ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه}[الأنعام: ١٢١] فنهانا أن نأكل مما لم يذكر اسم الله عليه سواء تركت التسمية عمداً أو سهواً أو جهلاً.
فإن قال قائل: أليس الله يقول: {ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا}[البقرة: ٢٨٦].
قلنا: بلى، ولهذا لو أكل الإنسان مما لم يسم عليه ناسيا أو جاهلاً لم يعاقب ولم يؤاخذ لكن هنا شيئان: فعل الذابح وفعل الآكل كلاهما إذا وقع نسيانا أو جهلا فلا إثم؛ فالذابح إذا نسي أن يسمي فلا إثم عليه، وكذلك إذا جهل، يبقى عندنا الآكل الآن وقف هذا الآكل على ذبيحة لم يسم عليها فهل له أن يأكل؟
لا؛ لأن الذي سقط عنه الإثم الذابح، أما الآكل فالآن هو يعلم أن هذه ذبيحة لم يسم عليها فيحرم عليه الأكل فإن أكل ناسياً أو جاهلاً يظن أنه قد سمي عليها فلا شيء عليه، لا إثم عليه وليس في هذا معارضة للآية التي هي قوله تعالى:{ربنا لا تؤاخذنا إن سنينا أو أخطأنا} لأننا نقول إذا أكل من الذبيحة التي لم يسم عليها ناسياً لم تصح صلاته ولم يأثم لأنه معفو عنه لكنها لا تبرأ بها ذمته لأن الطهارة شرط لصحة الصلاة.
فإن قال قائل: ألستم تقولون إن الإنسان إذا صلى في ثوب نجس ناسياً فالصلاة صحيحة مع اشتراطكم طهارة الثوب للصلاة قلنا: بلى نقول بهذا لكن اشتراطنا طهارة الثوب للصلاة اشتراط عدمي؛ يعني: ألا يكون الثوب نجساً وأما اشتراطنا للوضوء إذا صلى ناسياً فهو شرط وجودي لابد من وجوده هذا هو الفرق.