أحصاها دخل الجنة» متفق عليه، وساق الترمذي وابن حبان الأسماء، والتحقيق: أن سردها إدراج من بعض الرواة.
قوله:«إن الله ... إلخ»، والله تعالى وتر يحب الوتر، ولهذا كان شرعه وترا، وكانت أقداره غالبا وترا، وكانت أسماؤه المعلوم منها، وترا فكانت له تسع وتسعون اسما من أحصاها دخل الجنة، وهي مبهمة، والحكمة من إبهامها: أن يجتهد الإنسان في معرفتها كما أخفيت ليلة القدر؛ ليجتهد الناس في العمل، وأخفيت ساعة الإجابة في الجمعة، وكذلك ساعة الإجابة في الليل من أجل أن يجتهد النس في طلبها، كذلك الأسماء التسعة والتسعون المقدسة إنما أخفاها الله ولم يعينها ليجتهد الناس في طلبها، ثم إذا فتح على الإنسان فإنه لا يكلف الله نفسا إلا وسعها، وقد يختار بعض الناس هذا الاسم والآخرون يختارون الاسم الآخر، لكن الإنسان عليه أن يجتهد.
وقوله:«من أحصاها» ما معنى الإحصاء؟ الإحصاء معناه: الإحاطة بالعدد، هذا هو الأصل كما قال تعالى:{وأحصى كل شاء عددا}[الجن: ٢٨]. ومنه قول الشاعر:[الرجز]
(ولست بالأكثر منهم حصى ... وإنما العزة للكاثر)
كانوا في الأول يحصون العدد بالحصى؛ لأنهم أميون فهل الإحصاء مجرد إدراكها عددا؟ لا، الإحصاء؛ أولا: إدراك لفظها والإحاطة بها، ثانيا: معرفة معناها؛ لأن من لا يعرف معناها كالذي لم يدركها، فإن الله تعالى وصف الذين لا يفهمون معنى القرآن بأنهم أميون، فقال:{ومنهم أمنون لا يعلمون الكتب إلا أمانى}[البقرة: ٧٨]. أي: إلا قراءة، فمن حفظ الأسماء ولم يعرف المعنى فإنه لا يعد محصيا لها؛ لأن حفظه وعدمه سواء، ثالثا: التعبد لله بمقتضاها، بمعنى: أن الإنسان يتعبد لله تعالى بمقتضى الاسم، فإذا علم أن من أسمائه السميع تعبد لله بمقتضى هذا الاسم، كيف ذلك؟ يحذر كل قول يغضب الله عز وجل، لأنه يعلم أنه إذا قال هذا القول فإن الله يسمعه، كذلك من أسماء الله البصير، تتعبد لله بمقتضى هذا الاسم؛ يعنى: أن كل